وزير النفط السوري: سنبدأ التنقيب عن النفط والغاز في مناطق جديدة خلال أقل من شهراستقالة مصطفى كواية بعد أيام من انتخابه رئيسًامواقف الفنانين السوريين بين الولاء للنظام وتغيير المسار بعد انتصار الثورةارتفاع حاد في الرسوم الجمركية عبر المعابر السوريةمرتضى منصور يهاجم الإعلاميين المصريين بسبب موقفهم من القيادة السوريةجنرال إيراني يتهم روسيا بالتقصير في دعم الأسد وتسهيل الهجمات الإسرائيليةاجتماع أوروبي أميركي في روما حول الوضع في سوريا“أجاك الدور يا دكتاتور” يتصدر مواقع التواصل في مصر بعد انتصار الثورة السوريةقرار قضائي بإعادة ملاحقة الموقوفين الفارين من السجونحقول النفط السورية.. تراجع كارثي وأمل في الإحياءواشنطن تخطط لتخفيف القيود على المساعدات الإنسانية إلى سوريااتفاق ينهي التوترات المسلحة في مدينة الصنمين بريف درعا الشماليالشيباني: نسعى لشراكة استراتيجية مع قطرسوريا تعلن استئناف الرحلات الدولية في مطار دمشق الثلاثاء المقبلاتصال هاتفي لتعزيز التعاون بين سوريا وسلطنة عمان

بدون محاسبة.. هل يمكن للحكومة السورية الجديدة أن تحقق السلام والتعايش المشترك؟

في ظل الحرب الذي عاشته سوريا على مدار أكثر من عقد، بات الحديث عن العدالة الانتقالية ضرورة حتمية لأي عملية مصالحة وطنية حقيقية، إذ يرى المراقبون والخبراء أن غياب المحاسبة يعرقل أي أمل في التعايش المستقبلي ويؤجج مشاعر الظلم والانتقام، وخاصة أن تجارب دولية سابقة أظهرت أن تحقيق السلام الدائم يتطلب الاعتراف بالانتهاكات وتعويض الضحايا ومساءلة الجناة دون استثناء.

وتُعتبر العدالة الانتقالية أداة لإرساء مبدأ المحاسبة، وهي تشمل المساءلة القضائية، والتعويض المادي والمعنوي للضحايا، والإصلاح المؤسساتي، إلى جانب حفظ الذاكرة الوطنية لتجنب تكرار المآسي.

وفي هذا السياق، قدم عدد من الخبراء شهاداتهم حول أهمية هذه العدالة في الحالة السورية، إذ يقول الدكتور عمر الحلبي، الباحث في النزاعات الدولية: “من دون عدالة انتقالية شاملة، سيكون من المستحيل بناء مستقبل مستقر في سوريا، لأن التجارب السابقة أثبتت أن التسويات السياسية وحدها لا تكفي لتحقيق المصالحة”.

وأضاف في حديثه لوكالة ثقة أن الضحايا يحتاجون إلى الاعتراف بمعاناتهم، كما أن مساءلة الجناة تُعد أمرًا ضروريًا لردع تكرار هذه الجرائم. إن الإفلات من العقاب هو الأرض الخصبة لاستمرار الانتهاكات والعنف”.

من جهته، يرى المحامي والخبير القانوني أحمد السعيد أن تحقيق العدالة الانتقالية يتطلب عملًا مؤسسيًا دقيقًا، قائلاً: “يجب على السوريين توثيق جميع الانتهاكات التي حدثت خلال النزاع، لأن ذلك سيكون أساس أي عملية محاسبة مستقبلية”.

وزاد قائلاً: “للأسف، التجربة البوسنية كشفت أن التركيز على محاكمة كبار المسؤولين فقط ترك العديد من مرتكبي الجرائم على الأرض دون عقاب، ما زاد من شعور الضحايا بالظلم، لذلك، العدالة الانتقالية يجب أن تشمل جميع المستويات لضمان تحقيق مصالحة حقيقية.”

في تجربة جنوب إفريقيا، تُبرز شهادة الدكتور يوسف ناصر، الخبير في دراسات العدالة والمجتمعات المتضررة، أهمية تحقيق التوازن بين المساءلة والمصالحة، إذا أشار إلى أن جنوب أفريقيا اعتمدت على لجان الحقيقة والمصالحة كبديل للمساءلة الكاملة، وكان الاعتراف العلني بجرائم الماضي خطوة إيجابية في تعزيز التسامح المجتمعي، لكنها لم تكن كافية بالنسبة للعديد من الضحايا الذين كانوا يتطلعون لرؤية الجناة خلف القضبان.

وقال: “هذا الدرس مهم جدًا لسوريا: يجب أن يكون هناك توازن دقيق بين الإنصاف للضحايا وإعادة بناء المجتمع، دون إعطاء فرصة للإفلات من المحاسبة”.

بدورها، قدمت سهى الأحمد، ناشطة حقوقية سورية مقيمة في أوروبا، رؤية من منظور الضحايا أنفسهم، قائلةً: “من حقنا نحن كضحايا أن نعرف الحقيقة، أن نرى من أجرم بحقنا يُحاسب، وأن نحصل على تعويض ولو معنوي عن ما مررنا به”.

وأضافت: “هناك آلاف النساء اللواتي تعرضن لانتهاكات مريرة، وهناك أطفال تيتموا وعائلات فقدت كل شيء، كيف يمكننا الحديث عن مستقبل أو تعايش بينما مرتكبو الجرائم يعيشون في أمان دون أي عقاب؟ العدالة ليست خيارًا، بل هي حقٌّ لنا”.

وتابعت: “ما تحتاجه سوريا ليس فقط ملاحقة الجناة، بل إعادة بناء المؤسسات على أسس سليمة تضمن عدم تكرار ما حدث، ولذلك يجب أن يكون القضاء نزيهًا وشفافًا وقادرًا على محاسبة الجميع دون استثناء، سواء كانوا من المسؤولين السابقين أو من الجماعات التي ارتكبت الانتهاكات. أي تسوية لا تشمل هذه النقاط ستبقى مجرد حبر على ورق”.

من جانبه، أكد الصحفي محمود طلحة، أن التأخير في تحقيق العدالة قد يزيد من صعوبة المصالحة لاحقًا، مشيراً إلى أنه كلما تأخرنا في تطبيق العدالة الانتقالية، زاد عمق الجروح وتعقيد الأزمة، وذلك لأن الضحايا لن ينسوا ما تعرضوا له بسهولة، وإذا لم تُحاسب الأطراف المسؤولة، فإن فكرة الانتقام قد تتحول إلى واقع جديد يعيد إشعال الصراع. العدالة هنا ليست فقط مطلبًا إنسانيًا بل شرطًا للاستقرار المستقبلي”.

في ضوء هذه الشهادات، يتضح أن العدالة الانتقالية في سوريا تتطلب مقاربة شاملة تأخذ في الاعتبار تجارب الدول الأخرى مثل البوسنة والهرسك وجنوب إفريقيا، فمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات هي السبيل الوحيد لردم الهوة بين مكونات المجتمع السوري.

ويرى الخبراء أن تحقيق العدالة الانتقالية يتطلب جهودًا متكاملة تشمل التوثيق المنهجي للانتهاكات، وإنشاء محاكم وطنية أو دولية نزيهة، وتعويض الضحايا، وإصلاح مؤسسات الدولة لضمان سيادة القانون، فبدون هذه الخطوات، سيظل مستقبل سوريا رهين الماضي، وسيبقى الحديث عن المصالحة مجرد شعارات بلا مضمون.

خلاصة الكلام، العدالة الانتقالية ليست خيارا سياسيا بل ضرورة وطنية لبناء سوريا جديدة يسودها القانون والعدالة وتُحترم فيها كرامة الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى