سقط الجلاد.. اعتقال عاطف نجيب مهندس القمع في درعا
ألقت الجهات السورية المختصة القبض على العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا، والمسؤول المباشر عن جريمة تعذيب الأطفال التي فجّرت الثورة السورية عام 2011.
ويُعد نجيب أحد أكثر الشخصيات الأمنية التي ارتبط اسمها بالقمع والانتهاكات الوحشية، حيث أشرف على عمليات تعذيب ممنهج، كان أبرزها اقتلاع أظافر أطفال درعا الذين خطّوا شعارات الحرية على جدران مدرستهم، في انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية والأخلاقية.
ولطالما اعتُبر نجيب من أركان القبضة الأمنية للنظام السوري، مستفيداً من صلة القرابة التي تربطه بعائلة الأسد، حيث إنه ابن خالة الرئيس بشار الأسد، مما منحه نفوذاً استثنائياً مكّنه من ارتكاب الجرائم دون خوف من المحاسبة.
ومنذ تعيينه رئيساً لفرع الأمن السياسي في درعا، فرض نجيب أسلوباً قائماً على الترهيب والابتزاز، حيث لم يقتصر قمعه على المعارضين السياسيين، بل امتد ليشمل رجال الأعمال والأثرياء، وحتى عامة الناس.
واعتمد المجرم نجيب نهجاً قمعياً في فرض نفوذه، مستخدماً الاعتقال والتعذيب كأدوات أساسية لترهيب السكان، كما كان يعتقد أن بإمكانه إسكات أي صوت معارض بالقوة، لكنه لم يدرك أن ممارساته القمعية ستشعل شرارة ثورة شعبية اجتاحت البلاد بأكملها.
حين اعتقل نجيب أطفال درعا، لم يكن يتوقع أن القضية ستتحول إلى نقطة تحول في تاريخ سوريا الحديث، إذ لم يكتفِ باعتقالهم، بل أمعن في إذلال أهاليهم عندما رفض الإفراج عنهم، موجهاً إليهم إهانات مهينة، وصلت إلى حد السخرية من رجولتهم وعرضهم، وهو ما أثار غضب المجتمع المحلي ودفعه للخروج إلى الشوارع في أولى مظاهرات الثورة، ليرد النظام على تلك الاحتجاجات بالرصاص الحي، فسقط أول الشهداء، وتحولت المطالب الإصلاحية إلى مطالب بإسقاط النظام، ومن هنا بدأت شرارة الثورة التي امتدت إلى مختلف المحافظات السورية.
بعد اندلاع الثورة، لم يواجه نجيب أي مساءلة حقيقية، بل تمت حمايته ونُقل من منصبه إلى دمشق، حيث عاش حياة مترفة بعيدة عن المحاسبة، وعلى الرغم من الإشاعات التي راجت حول إقالته أو معاقبته، إلا أن الحقيقة كانت أنه ظل يتمتع بحماية نظام الأسد البائد، بل واستمر في لعب أدوار أمنية خلف الكواليس.
عاش المجرم نجيب متنقلاً بين دمشق ومناطق سيطرة نظام الأسد سابقا، متفادياً الظهور العلني خشية من أن تطاله يد العدالة أو أن يكون ضحية لتصفية داخلية.
يشار إلى أن إلقاء القبض على نجيب اليوم لا يمثل فقط سقوط شخصية أمنية متورطة في جرائم ضد الإنسانية، بل هو خطوة نحو تحقيق العدالة التي طال انتظارها. ومع ذلك، فإن محاسبته وحده لا تكفي، إذ أن نظاماً بأكمله مسؤول عن هذه الجرائم، ولا يمكن تحقيق العدالة الكاملة دون محاكمة جميع المتورطين، بدءاً من رأس النظام وصولاً إلى أصغر عنصر نفّذ أوامر القمع.
هذا وستبقى قضية عاطف نجيب شاهداً على وحشية نظام الأسد البائد، وعلى أن دماء الأبرياء لا تضيع هدراً.
اليوم، ومع اعتقاله، يتجدد الأمل لدى الضحايا وعائلاتهم في أن يروا يوماً تُفتح فيه ملفات كل المجرمين، ويُحاكم فيه كل من تورط في سفك الدماء السورية.