إسرائيل أجّلت استهداف إيران.. طهران استعدت في سوريامأساة في دمشق: وفاة 4 أشخاص من أبناء الحسكة في جريمة قتل مروعةبرشلونة يواجه مشكلات عقب الخروج من دوري الأبطالالعفو الدولية” توثق انتهاكات بحق محتجزين شمال شرق سورياأمريكا وأوروبا تدرسان فرض المزيد من العقوبات ضد إيرانبغالبية ساحقة.. النواب الأمريكي يقرّ مشروع قانون “الكبتاجون 2”“الإدارة الذاتية” تستقبل أول دفعة لاجئين سوريين مرحلين من العراق40 عامًا مضيفًا للحجاج.. وفاة السوري إسماعيل الزعيمالأوقاف السورية تنهي إجراءات تسجيل الحجاج لموسم 2024أمريكا تتوقع هجومًا إسرائيليًا ضد إيران في سورياخمسة مصابين إثر هجوم بمسيّرة انتحارية لقوات النظام غربي حلبإسرائيل تؤكد أن الهجوم الإيراني لن يمر دون ردالسويد تبدأ محاكمة عميد سابق في “الجيش السوري”وفاة لاجئ سوري من إدلب بعد تعرضه للتعذيب في لبنان (صورة)خاص | تحركات جديدة للحرس الثوري الإيراني في دير الزور

إيران وأذرعها.. مشاريع وهمية أم حنكة سياسية؟

إيران وأذرعها.. مشاريع وهمية أم حنكة سياسية؟

بقلم الصحفي السوري: درويش خليفة

أوصلت السياسات التصعيدية الإيرانية، منطقة الشرق الأوسط إلى توتر غير مسبوق، لا سيما بعد انخراطها المباشر في الحرب على الشعب السوري، وتغذية أذرعها العربية المؤدلجة بالخطاب والتشنج المذهبي الذي أسفر عن تطرف مقابل، وهو ما كرسّ لنزاعات “هوياتية” ما دون وطنية، لا تعرفها شعوبنا العربية سوى من مسمياتها وتوصيفاتها، خصيصاً في سوريا.

وتبيّن أن السنوات العشر الماضية أحدثت تغيراً إقليميا ودوليا في النهج والتعاطي مع النظام الإيراني، بعد أن استغلّ راديكاليو الحرس الثوري وفيلق القدس الإيرانيين مطالب الشعوب العربية بالتغييّر، بتدخلهم ومساندتهم للأنظمة المعادية للحرية والعدالة الاجتماعية، مثل نظامي بشار الأسد ومعمر القذافي في سوريا وليبيا، وإحداث شرخا في كل من الجسد العراقي واليمني واللبناني، دعمتاً أذرعها الولائية، بالسلاح والذخيرة، ليكونوا سلاحا مخلصاً في مؤازرة الطغاة، والتستر على جرائم قادة إيران بحق شعوب المنطقة وبحق الشعب الإيراني ذات نفسه، ولا سيَّما القوميات من غير الفرس.

بالعودة إلى الحالة السورية، نجد أن صبر السوريين على النظام في بلاده كان لا متناهياً، خاصة وأن الأسرة الحاكمة كانت تعيش حالة من الصراع البيني حول كيفية نقل الملكيًّة الاقتصادية من عائلة والدة رئيس النظام (آل مخلوف العلوية) إلى عائلة زوجته (آل الأخرس السنية).

وبطبيعة الحال، الضحايا هم السوريون، وبكل انتماءاتهم العرقية والطائفية والسياسية، إلى أن وصل قطار الربيع العربي إلى سوريا، وهلّت معه البشائر لمناهضي حكم الأسد؛ على أمل التغيير الحتميّ وإعادة الثقة بوطنيتهم التي حاول النظام سلّبها منهم وتخصيصها لمؤيديه، أو بالأحرى لمن يدافعون عن أركان حكمه بدمائهم وابنائهم.

وبعد أنّ انتقل الصراع السوري بين النظام والشعب إلى مرحلة التسليح والعسكرة، وفتحَ الأسد الحدود أمام قوافل الحجاج الطائفين لمساندته في قتل المتظاهرين واعتقال العديد منهم، أصبحت المواجهة مشروعة ولم يبقَّ بالإمكان انتاج مزيداً من أدوات القوة الناعمة وفضح جرائمه على شاشات التلفزة وأمام المنظمات والهيئات الحقوقية والأممية.

وفي غضون ذلك، عمِد الأسد على تصدير خطاب يداعب مشاعر الغرب، بحمايته للأقليات العرقية والمذهبية، بما فيهم طائفته، وبأنّ رحيله عن السلطة سيؤدي بالراديكاليين من الثوار لسحق هذه المكونات المجتمعية، الأمر الذي أدى لتسليح العديد من الشبان العلويين، بتماهٍ واضح مع خطاب الأسد، رغم معرفتهم المسبقة بخداعه وعدم الإيفاء بوعوده لهم، ولكنَّ البعض منهم اعتبرها “معركة وجودية”، لا تحتمل طرفي نقيض.

اليوم، وبعد أن دمرّت المذهبية دول المنطقة، ووضعت حواجز وجبال من نار بين الشعوب، لم يهنأ للنظام الإيراني عيش سوى بإكمال التدمير، والتحول من القتل وإزهاق الأرواح إلى التأثير بعقول الشباب، ومن هذا المنطلق اتخذت الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق رأس النظام، وميليشيا حزب الله اللبناني تجارة الحبوب المخدرة (الكبتاغون) كأحد مصادر تمويلها الأساسية للاستمرار في ساحات القتال السورية واليمنية، وتثبيت أركانها في لبنان، لتبقى ضمن دائرة التأثير الإيرانية، وعكازها الضارب لاستقرار دول المنطقة بالعموم، والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، وذلك من خلال تصديرها للإرهاب والقتل، وتهريب المخدرات للعبث بعقول الشباب لتغذية آلته الحربية.

وهو ما يدلّ على توزيع الأدوار بين النظامين الإيراني والسوري في دعم حزب الله منذ أكثر من 15 عاماً، بعد سيطرة حلفاء طهران على العراق، الأمر الذي بسط الطريق أمام الحرس الثوري الإيراني للعبور إلى بغداد ثم سوريا، وصولا إلى لبنان لنقل الصواريخ المتقدمة، والطائرات المسيرة لمتزعم الضاحية الجنوبية “حسن نصر الله”.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل تحضرّ إيران لمشروع مدّ سكة حديدية لتعويض خسائرها في سوريا، وإن خط الربط هذا فيما لو أنُجز، سيكون جزءً من صفقة إعادة إعمار سورية، حيث يمنح إيران امتيازات اقتصادية وتجارية إضافية وفرصة للتجسير مع قطاع النقل العراقي ثم السوري، وهكذا تنتشر السياحة الدينية بين إيران والعراق وسوريا، الأمر الذي يعزز التواجد الإيراني في هذه الدول وعلى كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

ويشار إلى أن سكة حديد الشلمجة – البصرة هي جزء من شبكة سكك حديدية إقليمية تضم خط المسيب – كربلاء، تتطلع القيادة الإيرانية وحلفاؤها العراقيون لربطها مستقبلاً مع دول المشرق العربي (سوريا والأردن والخليج العربي عبر الكويت).

كل ما أتينا على ذكره آنفاً، يصنف ضمن استراتيجيات إيران، التي من الممكن عرقلتها من الإدارات الأمريكية، كما حدث في عهد ترامب عندما ألغى الاتفاق النووي، وبالتالي، وضع العراقيل بوجه المشاريع الإيرانية؛ بسبب حجزه على الأموال التي تعود للنظام الإيراني في البنوك والمصارف الأجنبية.

لكننا في عهد بايدن وريث اتفاق 2015 الذي وقعه باراك أوباما، والذي يضع جلّ اهتمامه من بالعودة إلى الاتفاق وفق شروط ترضي حلفائه الشرق أوسطيين بالحد الأدنى، مثل إسرائيل والسعودية وبدرجة أقل الإمارات.

وعلى الرغم من خبرة الرئيس الأمريكي السياسية ومعاصرته لمراحل تحول السياسات الأمريكية والتي كانت إحداها “الضربات الوقائية” التي لا تتطلب تصويت الكونغرس، إلا أنّه لم يقم بأي خطوة من هذا القبيل، تجاه الفصائل العراقية الولائية، فهل سيتخذ سياسة ردع تجاه إيران، الداعم لتلك الفصائل؟
لا أعتقد أن أحداً تضرر من سياسة الديمقراطيين تجاه إيران وأذرعها التخريبية، كالشعب السوري، فلا خطوط أوباما الحمراء كانت نافعة، ولا تهديدات هيلاري كلينتون لبشار أثرت على مسار الأحداث في سوريا، بل على العكس من ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية مرارا وتكرارا، دون أن يهز للمجتمع الدولي شعرة واحدة، كما يقال في أمثلنا الشعبية.

زر الذهاب إلى الأعلى