الاقتصاد على سكك الشرق.. هل يعيد القطار ربط أسواق حلب بميناء مرسين؟
حسن المروان حراج
استنادًا إلى مراجعة الأرشيفات الخاصة بالسكك الحديدية السورية (CFS) والتركية (TCDD)، تظهر التقديرات الاقتصادية أن الإيرادات السنوية الناتجة عن النقل عبر هذا الخط كانت تتراوح بين 10 إلى 15 مليون دولار أمريكي في عام 2008، كما يُقدر أن الخط كان يُساهم بحوالي 15-20% من إجمالي حركة التجارة البرية بين البلدين، مما جعله من أبرز الممرات التجارية في المنطقة.
وكان الخط مسؤولًا عن نقل آلاف الأطنان من البضائع سنويًا، شملت السلع الزراعية مثل الحبوب والقطن، بالإضافة إلى المنتجات الصناعية، التقديرات تشير إلى أن حركة البضائع عبر هذا الخط كانت تصل إلى حوالي 300,000 إلى 800,000 طن سنويًا.
كما ساعد استخدام هذه السكة على تقليص تكاليف النقل بنسبة تراوحت بين 30-40% مقارنة بالنقل البري بواسطة الشاحنات، مما جعله خيارًا اقتصاديًا أكثر كفاءة بالنسبة للتجار من الدولتين، كما أسهم في تحفيز الصناعات المحلية في حلب، خاصة في مجالات النسيج والصناعات الغذائية.
ومن ناحية أخرى استفاد ميناء مرسين بشكل كبير من هذا الخط، حيث كان يُستخدم لنقل البضائع السورية عبر البحر إلى الأسواق الدولية، مما عزز موقعه كميناء استراتيجي في التجارة الإقليمية والدولية.
وبعد إعادة افتتاح سفارة تركيا في دمشق رسميًا في 14 ديسمبر 2024، بعد 12 عامًا من إغلاقها، بدأ العمل الجاد على إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية بين سوريا وتركيا، حيث قام وفد تركي بزيارة غرفة تجارة حلب وطرح عددًا من المشاريع الاقتصادية المشتركة، تزامن ذلك مع جهود وزارة النقل والبنية التحتية التركية لإحياء مشروع خط السكك الحديدية الذي يربط البلدين.
ويمتد الخط الحديدي على 365 كيلومترًا ويشمل 38 محطة على جانبيه، وزارة النقل التركية أكملت فحص 175 كيلومترًا من الخط داخل تركيا، وهي خطوة تمهيدية لإعادة تفعيل حركة النقل بين البلدين، سيسهم الخط في تسهيل نقل البضائع من موانئ إسكندرون ومرسين إضافة إلى نقل الركاب من مدن غازي عنتاب وكيلس.
ومن المتوقع أن يزيد هذا المشروع من كفاءة النقل ويقلل التكاليف بنسبة 30-40% مقارنة بالنقل البري، ولكن تظل خطوة فحص الجانب السوري من الخط مرتبطة بالتوصل إلى اتفاق مع السلطات السورية لحكومة الشرع لتفعيل هذه الحركة التجارية والاقتصادية.
ومن المتوقع أيضاً أن يستغرق المشروع فترة تتراوح بين عامين إلى ثلاثة أعوام لاستكمال فحص البنية التحتية في الجانب السوري، وإصلاح أو تحديث السكك الحديدية، والاتفاق على الشروط اللوجستية والجمركية بين البلدين.
كما قد يتأثر الجدول الزمني بالعوامل الأمنية والسياسية التي قد تطرأ لكن إمكانية عودة الخط كبيرة جدا مما يمثله من مساهمة في تعزيز التجارة بين سوريا وتركيا وتحقيق فوائد اقتصادية كبيرة للطرفين.
ويحمل مشروع إعادة تفعيل خط السكة الحديدية تحديين رئيسيين تحديات البنية التحتية والتمويلية فيما يتعلق بالبنية التحتية، على الرغم من أن الجانب التركي قد أكمل فحص وإصلاح جزء كبير من السكك الحديدية، فإن الوضع في الجانب السوري أكثر تعقيدًا، فقد تعرضت السكك الحديدية في سوريا للتدمير بسبب سنوات من الإغلاق والصراع، حيث تم تدمير جزء كبير منها وأصبح عرضة للسرقة والتخريب من قبل إمراء الحرب و حيث قامت بسرقتها وبيعها كخردة وبالتالي.
اليوم يحتاج هذا الجانب من المشروع إلى تجديد شامل وصيانة مكثفة، تشمل إصلاح القضبان، إعادة تأهيل المحطات، وتحديث الأنظمة اللوجستية، لأن استعادة القدرة التشغيلية لهذا الخط يتطلب استثمارات ضخمة لتأهيل هذه البنية التحتية المهملة وتحويلها إلى شبكة نقل قادرة على تلبية متطلبات النقل الحديثة.
أما بالنسبة للتحديات التمويلية، فإن المشروع يحتاج إلى تمويل كبير من أجل إعادة تأهيل البنية التحتية وتحديث التقنيات اللازمة لضمان كفاءة التشغيل، يتطلب الأمر شراكات بين القطاعين الخاص والدولي لتأمين التمويل اللازم، وهو ما يمثل تحديًا ماليًا معقدًا، تأمين هذا التمويل يتطلب التنسيق بين الحكومات والشركات الخاصة والمؤسسات المالية الدولية لضمان توفر رأس المال الكافي، مما يساهم في تسريع تنفيذ المشروع وضمان استدامته على المدى الطويل.