المقدم حسين هرموش.. رحلة انشقاق شجاعة ومصير غامض بعد 13 عاماً
محمد كامل حسين
في 9 يونيو 2011، دوَّى صوت المقدم حسين هرموش على منصات التواصل الاجتماعي ليعلن انشقاقه عن جيش النظام السوري، ويفتح بذلك صفحة جديدة في مسيرة الثورة السورية.
كان هرموش أول ضابط يجرؤ على الوقوف في وجه النظام، مُعلنًا التحاقه بصفوف المعارضة، وداعيًا لحماية المتظاهرين العزل، ولكن سرعان ما تحول هذا الانشقاق إلى قصة غموض وخيانة، بعد اختطاف هرموش في تركيا وتسليمه إلى النظام السوري.
واليوم، وبعد مرور 13 عامًا، لا يزال مصير هذا الرجل مجهولًا، حيث تظل تساؤلات كثيرة بلا إجابات حول ما جرى له بعد اعتقاله.
انشقاقٌ يزلزل النظام
في بداية يونيو 2011، كانت سوريا تعيش على وقع الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة ضد نظام بشار الأسد. في هذا المناخ المتوتر، ظهر المقدم حسين هرموش عبر تسجيل مصور ليعلن انشقاقه عن الجيش السوري.
وبدأت الرسالة برفع هرموش لهويته العسكرية، في إشارة رمزية لقوة موقفه، وتحدث عن الأسباب التي دفعته للانشقاق، متهمًا النظام بارتكاب مجازر جماعية ضد المدنيين العزل في جميع أنحاء سوريا.
كان انشقاق هرموش بمثابة الصاعقة على رأس النظام السوري، الذي كان يعتمد على ولاء الجيش لقمع الاحتجاجات.
وجاءت رسائل هرموش الأربع التي وجهها إلى زملائه العسكريين، والشعب السوري، والعالم، لتعزز من زخم الثورة وتفتح الباب أمام سلسلة من الانشقاقات الأخرى داخل الجيش.
تأسيس لواء “الضباط الأحرار”
بعد إعلانه الانشقاق، لم يكتفِ هرموش بالكلمات، بل انتقل سريعًا إلى الأفعال. أسس لواء “الضباط الأحرار”، الذي أصبح النواة الأولى للجيش السوري الحر، وقاد أولى العمليات المسلحة ضد قوات النظام في منطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي. تميزت هذه المعركة بأنها كانت أول مواجهة عسكرية حقيقية بين المعارضة المسلحة وقوات النظام، حيث اتهم هرموش بقتل أكثر من 120 عنصرًا من قوات الأمن.
مصير مجهول
في 15 سبتمبر 2011، ظهر هرموش على شاشات التلفزيون السوري، مجبرًا على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب. منذ ذلك الحين، انقطعت أخباره، ولم تُعرف أي معلومات مؤكدة حول مصيره. تداولت وسائل الإعلام صورة لجثة قيل إنها له، دون أي تأكيدات رسمية، بينما ظل الأمل لدى عائلته ورفاقه في أنه ما زال على قيد الحياة.
على مدار السنوات الماضية، كانت هناك محاولات عدة من المعارضة السورية لمبادلة هرموش بأسرى للنظام، من بينهم الطيار محمد صوفان، الذي سقطت طائرته في تركيا، لكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل.
ورغم مرور أكثر من عقد على الحادثة، إلا أن التحقيقات التركية لم تسفر عن أي نتائج واضحة، مما زاد من الشكوك حول مدى تورط الحكومة التركية في العملية، ورغبتها في التغطية على الفضيحة.
دلالات وتداعيات
لم يكن اختطاف هرموش مجرد حادثة عابرة في تاريخ الثورة السورية، بل كان له تأثير عميق على مسار الأحداث. فقد كشف الحادث عن حقيقة الدور الذي لعبته تركيا في تلك الفترة، وكيف أن بعض أجهزتها الأمنية كانت تتعاون سرًا مع النظام السوري، رغم العداء المعلن بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، أثرت قضية هرموش بشكل كبير على معنويات المعارضة المسلحة، التي شعرت بالخيانة من أحد أقرب حلفائها. وزادت هذه الحادثة من تعقيد العلاقات بين الفصائل المختلفة، وأثرت سلبًا على الثقة بين المعارضة وحلفائها الإقليميين.
اليوم، وبعد مرور 13 عامًا على اختطاف المقدم حسين هرموش، لا تزال قضيته تطرح العديد من التساؤلات حول دوره في الثورة السورية، وحول مصيره الغامض.
وفي الوقت الذي يظل فيه السؤال عن مصيره بلا إجابة، تبقى قصة هرموش شاهدًا على حجم التحديات والخيانة التي واجهتها الثورة السورية منذ بدايتها. تلك القصة التي ستظل محفورة في ذاكرة السوريين كأحد أبرز فصول نضالهم من أجل الحرية والكرامة.