حقوق الإنسان: من النضال العالمي إلى تحديات سوريا الراهنة”
وكالة_ثقة
سيحتفل الأحرار في جميع أنحاء العالم بإعلان وبناء مبادئ حقوق الإنسان، التي صاغت كقانون يتلاعب بفطرة الإنسان. لم تكن هذه المبادئ نتاجًا عفويًا أو إبداعًا فرديًا، بل كانت نتيجة لأحداث تاريخية عصيبة عاشتها الأمم. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وترتيب أوضاعها، بدأت شعوب العالم في إلقاء نظرة على نتائج هذا الصراع. وكان الإنسان هو الخاسر الأكبر في هذه الحرب، مما دفع بالعالم إلى إطلاق مفهوم حقوق الإنسان، الذي أصبح نتيجة لنضال الإنسان وحفظه لنوعه المتنوع.
هذا النضال كان يهدف إلى الحفاظ على الإنسان وتعزيز تنوعه الثقافي والعرقي واللوني، مع احترامه ككيان يمتلك غاياته وهدفه ويتصدر الحاضر والمستقبل. إن هذه الاتفاقية جاءت بعد تجربتين مأساويتين هما الحربين العالميتين التي دمرت كرامة الإنسان وأخذت ملايين الأرواح والممتلكات من أجل أهداف سياسية تافهة ونظريات لا تعتني بحق الإنسان في الحياة والتعايش والتفتح. إن هذه الاتفاقية تعترف بالإنسان وكرامته دون أي تمييز بسبب لونه أو عرقه أو دينه أو توجهه السياسي، وهو ما يبرز الهدف الرئيسي للاتفاقية وهو الحفاظ على الإنسان، فهو الأساس في كل جوانبه وفي حال انتقاص حقوقه، ستكون النتائج وخيمة بشكل لا يمكن التنبؤ به.
رغم التطور في صياغة اتفاقية حقوق الإنسان والدور الإيجابي للمنظمات الدولية والإنسانية مثل الصليب الأحمر والهلال الأحمر، إلا أن تحقيق مبادئ هذه الاتفاقية يظل تحديًا. فعلى الرغم من التزام نظرية حقوق الإنسان، إلا أنها تواجه صعوبات عملية نتيجة لتأثير الأنظمة السياسية والخلافات الدولية.
منظمات مثل الصليب الأحمر والهلال الأحمر قامت بجهود جبارة لحماية حقوق الإنسان في سياق النزاعات، ولكن يظل هناك تحدي في تطبيق هذه المبادئ على أرض الواقع. يشعر الناس بعدم المساواة في تعاطي الأمم المتحدة مع الأزمات العالمية، مما يؤدي إلى انتقادات حيال استخدام مكيالين مختلفين. هذا الواقع يقلل من فعالية اتفاقية حقوق الإنسان ويثير شكوكًا بشأن التزام الجهات الدولية.
في سوريا، حيث نحن اليوم في السنة الثانية عشرة من النزاع، يظهر الصراع بشكل واضح بين السلطة الظاهرة والحقيقية، وهو يركز على الديمقراطية وحقوق الإنسان. يسعى الناس إلى العيش بكرامة وأمان في وطنهم، ولكن التحديات السياسية والأمنية تظل تشكل عقبة أمام تحقيق هذا الهدف.
الحرب السورية تمثل ثورة ضد سنوات طويلة من غياب حقوق الإنسان، حيث تعرض الشعب السوري لانتهاكات وجرائم فظيعة، مؤدياً إلى تهجير ملايين الأفراد. وعلى الرغم من ذلك، لم نشهد أي تحرك جاد من الدول الكبرى لإنهاء هذا النزاع والعمل على خدمة كرامة الإنسان السوري.
تطويل فترة الصراع أفضى إلى نشوء قوى مستفيدة وتدخلات من جهات خارجية لا تحترم حقوق الإنسان. تم تجاهل مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة والديمقراطية، وسط تصاعد المؤامرات والتدخلات.
في هذه الذكرى لاتفاقية حقوق الإنسان، ندعو الجهات المعنية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وغيرها من المؤسسات، إلى الالتزام بحفظ التمايز الثقافي بين الأمم كحالة صحية. يجب عليهم العمل بشكل فعّال لضمان احترام حقوق الإنسان والتصدي للانتهاكات في سوريا وفي جميع أنحاء العالم.
نحن كمدنيين وأحرار في شمال سوريا نطالب بالتزام مجلس الأمن بالأهداف التي وضع لأجلها، مع عدم جعل الصراع رهينة لحق النقض (الفيتو) لأي دولة كانت. يجب تفعيل محكمة العدل الدولية لتكون مأوى لإحقاق الحق ومحاسبة المجرمين.
نحن نعاني في كامل الأراضي السورية من النزوح والفقر والقصف العشوائي، ونطلب حماية الأمم المتحدة وعودتنا إلى بيوتنا، مع تقديم المساعدة المادية والمعنوية لشعبنا، ندعو الأمم المتحدة إلى إلقاء نظرة حقيقة وواقعية وتفعيل اتفاقيات حق تقرير المصير للشعب السوري ولجميع الشعوب التي تسعى لحريتها.
في هذا اليوم، نعبر عن رأي السوريين بأن حقوق الإنسان هي كلية ولا تتجزأ. الظلم الذي تعرضوا له دفعهم للتحرك بشكل منطقي ضد الاستبداد، وهم يبحثون عن حقوقهم التي اتفقت عليها أمم الأرض بأكملها.
في هذا اليوم ، يعبر السوريون بكل صدق وإخلاص عن إيمانهم بأن حقوق الإنسان لا يمكن التنازل عنها، وأن التحديات والظلم الذي واجهوهم سيكونون عنصراً حافزاً للتمسك بكرامتهم وتحقيق حقوقهم المكفولة. ندعو بقوة إلى مجلس الأمن ليكون عاملاً فعّالاً في حل الصراعات، ونطالب بتفعيل محكمة العدل الدولية للقضاء على الإفلات من العقوبة.
نحن نناشد الأمم المتحدة بالتدخل الفوري لإنهاء معاناة شعبنا، وندعو لإعادة النظر بطريقة إدارة الأزمة في سوريا بعد كل هذه السنوات، في هذا السياق، نؤكد أن حقوق الإنسان هي جوهرية وشاملة، ويتعين على المجتمع الدولي الوحدة والتضافر للتصدي لكل انتهاك والعمل من أجل تحقيق العدالة والسلام لكل إنسان سوري وفي كل مكان.
بقلم: ريــاض الــخــضــيــرو
قسم الحماية – المنتدى السوري