دبلوماسي إسرائيلي.. لهذه الأسباب نخشى الاتفاق الأمريكي الروسي
لا تخفي إسرائيل انتقاداتها للاتفاق الروسي الأمريكي حول وقف اطلاق النار في جنوب سوريا حيث رفضه نتنياهو صراحة في أنه يوفر غطاءاً للنفوذ الإيراني في سوريا ولميليشيا حزب الله ويحد من حركتها لاستهداف قوافل أسلحة الميليشيا اللبنانية هناك.
خلاف وليس شقاق
ويناقش الدبلوماسي الإسرائيلي “زلمان شوفال” في مقال ترجمته أورينت نت، من موقع ISRAEL HAYOM، هذا الاتفاق ومخاوف إسرائيل منه ويقول إن الشكوك سادت في القدس وواشنطن قبيل توقيع الاتفاق الروسي الأمريكي الذي تم توقيعه على عجالة، حول وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” ذكر صراحةً أن إسرائيل تعارض الاتفاقية لأنها تديم وجود إيران في سوريا، ويوضح شوفال أن تعبير شقاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل هو أمر مبالغ به، ولكن هناك بالتأكيد خلاف حول هذه قضية الهدنة في جنوب سوريا.
وعلى الرغم من أن إيران كان دورها فاعلا في سوريا قبل وقت طويل من توقيع الاتفاق، وذلك عبر الميليشيات الشيعية ومنا ميليشيا حزب الله اللبنانية، فإن الاختلاف يكمن في أن الاتفاق يحدد الآن المناطق العازلة في سوريا بالقرب من الحدود الأردنية والإسرائيلية، وهي على ما يبدو ستكون تحت إشراف روسي، دون المجيء على ذكر منع إيران أو أي من وكلائها من العمل في تلك المناطق.
خدمة لإيران
وفي حين أن قنوات الاتصال مقطوعة بين إيران وإسرائيل، تم اقتراح قوة أخرى، روسيا، لضمان حدود إسرائيل مع قوات النظام، وعلى المسؤولين الإسرائيليين أن يراقبوا من كثب التقارير الواردة من الولايات المتحدة المحيطة بالخطة التي يمكن أن تنص مستقبلا على استبدال قوات الدفاع الإسرائيلية في وادي الأردن بقوة دولية، كتلك الخطة التي اقترحها الجنرال المتقاعد جون ألين في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وبما أن روسيا وإيران لديهما تطلعات مختلفة على المدى الطويل في سوريا، فإن تعاونهما الحالي في هذا المجال واتفاق وقف إطلاق النار الجديد يخدمان وجود إيران في أجزاء من سوريا. وقد ناقش الجنرال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي، هذه المسألة مؤخرا قائلا: “إن بناء القواعد الإيرانية في سوريا يوفر منصات لإطلاق صواريخ إيران وحزب الله على إسرائيل والتي عليها، أي إسرائيل، منع وصولها بأي ثمن، وإن لم يُؤخذ الأمر بعين الاعتبار من قبل الذين يرتبون الأحداث، الولايات المتحدة وروسيا، فإن الجيش الإسرائيلي يمكن أن يتدخل”.
سلوك ترامب يشبه سلفه أوباما
ويكمل شوفال إن هذا التطور اختبار للتحالف الجديد بين المعسكر السني البراغماتي الذي تقوده السعودية والولايات المتحدة تحت حكم الرئيس دونالد ترامب، هذا المعسكر يرى توسع النفوذ الإيراني تهديدا أمنياً رئيسياً.
وينقل شوفال عن مايكل جيرسون، كاتب خطاب للرئيس جورج دبليو بوش، في صحيفة واشنطن بوست مؤخراً أن “خضوع الرئيس الأمريكي لمصالح روسيا والعالم يخلق نفوذاً روسياً أكبر وتخوفاً في أوروبا الشرقية وفي الشرق الأوسط (حيث تكسب إيران ومعها نظام الأسد وحزب الله أيضاً)”.
وعلى الرغم من أن هذا الانتقاد قد يكون قاسياً جداً، فإن سلوك ترامب المحيط باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا يذكرنا بسلوك أوباما الذي أفضى إلى الاتفاق النووي مع إيران، حيث ركز كلٌ من الرئيسين اهتمامهما على الصفقة مع تجاهل العواقب السلبية لحلفاء أمريكا في المنطقة، ويبدو أن قطع إمدادات المساعدات الأمريكية للثوار السوريين يشكل جزءاً في هذا الاتجاه.
وينوه شوفال، أنه في كلا الحالتين أبدى عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأمريكي تحفظاتٍ -ليس فقط بسبب التهديد الأمني لإسرائيل، ولكن بسبب التهديد الأمني للولايات المتحدة نفسها- وحاول المسؤولون في موسكو وواشنطن تهدئة المخاوف الإسرائيلية بوعود مختلفة، ولكن في الوقت الراهن، على الأقل، يبدو أن هذه الوعود لم تتحقق.
لا يعني هذا النقد انتقاداً لسياسة ترامب الخارجية برمتها، يقول شوفال، ولكن لا يسع المرء إلا أن يفكر في التناقض الظاهر بين معارضته، أي ترامب، الشديدة للاتفاق النووي مع إيران، والخطوات التي اتخذها والتي سهلت خطط إيران في سوريا.
من الممكن جدا ألا تكون صفقة وقف إطلاق النار هي القول الفصل في سوريا عموماً وفي جنوب سوريا على وجه الخصوص. على أي حال، سيتعين على الأمريكيين أن يعملوا جاهدين في الأسابيع المقبلة لضمان ألا يؤدي اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا إلى تعميق الصراع .
أورينت نت – أحمد الشهابي