ضغط شعبي في سجن الراعي يُفضي إلى زيارة قصيرة للمعتقلين وسط مطالبات بمحاكمات علنية
محمد كامل حسين
في ظل تصاعد الضغوط الشعبية والمطالبات المستمرة بالكشف عن مصير المعتقلين في سجن الراعي بريف حلب الشمالي الشرقي، استطاع عدد من المعتقلين، بينهم قياديون في “فرقة المعتصم” التابعة للجيش الوطني السوري، استقبال زيارة قصيرة من عائلاتهم.
جاء ذلك بعد تنظيم اعتصام حاشد أمام السجن، صباح اليوم الخميس 8 آب/أغسطس، حيث تجمع عشرات الأشخاص للمطالبة بمحاكمات علنية وإجراء زيارات دورية للمعتقلين، وعلى الرغم من هذه الزيارة، تظل المطالب الرئيسية للمعتصمين دون استجابة واضحة من السلطات، ما يثير قلقاً متزايداً بشأن العدالة وحقوق الإنسان في المنطقة.
تفاصيل الاحتجاج
شهد سجن الراعي صباح اليوم توافداً كبيراً من عائلات المعتقلين وأفراد من المجتمع المحلي للاعتصام أمام بواباته، إذ بدأ الاعتصام بمشاركة حوالي مئة شخص، معظمهم من أقارب المعتقلين وأعضاء من “فرقة المعتصم”، بالإضافة إلى ناشطين حقوقيين وسكان من المناطق المجاورة، وذلك بعد منع الزيارة عن “الفاروق أبو بكر” والموقوفين معه منذ مدة تجاوزت 45 يوماً، وورود أخبار عن إضراب الموقوفين عن الطعام منذ ستة أيام.
تقول مصادر مطلعة لوكالة ثقة، إن المعتصمين حملوا لافتات كتب عليها شعارات تطالب بالعدالة والشفافية، مثل “أين العدالة؟” و”نريد محاكمات علنية”، ورددوا هتافات تطالب بالكشف عن مصير القادة المعتقلين.
وأوضحت أن هذا التجمع أدّى إلى حالة من التوتر والاستنفار الأمني داخل السجن، حيث فرضت القوات الأمنية طوقاً حول المنطقة المحيطة بالسجن للحيلولة دون تصاعد الاحتجاجات، وأمام إصرار المحتجين، بدأت بعض القيادات العسكرية والمدنية المحلية التفاوض مع منظمي الاعتصام لتهدئة الوضع.
مطالب المعتصمين وردود الفعل
كانت المطالب الرئيسية للمعتصمين واضحة منذ البداية، بحسب المصادر، وهي: “الكشف الفوري عن مصير المعتقلين، السماح بزيارات دورية، وإجراء محاكمات علنية تضمن العدالة والشفافية”.
وفق المصادر فإنه على الرغم من أن السلطات استجابت بشكل جزئي بالسماح بزيارة قصيرة للعائلات، إلا أن هذه الزيارة لم تتجاوز الخمس دقائق، وهو ما اعتبره المعتصمون خطوة غير كافية بل ومهينة للعائلات التي تنتظر بفارغ الصبر معرفة أحوال أبنائها.
هذا ولم تُقدَم أي وعود رسمية من قبل السلطات حول الاستجابة لمطالب المعتصمين، مما زاد من حدة التوترات.
وفي خطوة للتخفيف من حدة الاحتجاج، التقى رئيس المحكمة المحلية ورئيس السجن مع بعض قادة الاعتصام، حيث استمعوا إلى مطالبهم وتعهدوا بنقلها إلى الجهات المعنية، لكن دون تقديم أي التزامات واضحة أو محددة، وقد أبدى المعتصمون استياءهم من هذا الرد الغامض، مؤكدين استمرارهم في الاحتجاج حتى يتم تحقيق مطالبهم.
خلفية الأزمة وتصاعد التوتر
تعود خلفية الأزمة إلى اعتقال عدد من القادة العسكريين في “فرقة المعتصم” التابعة للجيش الوطني السوري في نيسان الماضي، إثر مواجهات داخلية على خلفية اتهامات بالفساد والخيانة.
ومنذ ذلك الحين، مُنع عن المعتقلين أي زيارات، ولم تُعقد لهم أي محاكمات، ما أثار غضباً واسعاً في صفوف الفصيل العسكري وأهالي المنطقة.
حيث ازدادت حدة التوترات مع دخول المعتقلين في إضراب عن الطعام استمر لستة أيام، في محاولة للضغط على السلطات لتحسين أوضاعهم والسماح لهم بالدفاع عن أنفسهم أمام محكمة علنية، وقد أثار هذا الإضراب مخاوف جدية على صحة المعتقلين، مما دفع أهاليهم وأعضاء الفصيل إلى تنظيم هذا الاعتصام الحاشد.
وتمثل الحادثة الأخيرة في سجن الراعي نقطة تحول في النزاع الداخلي داخل الجيش الوطني السوري، وتعكس حالة الاستياء الشعبي من غياب العدالة والشفافية.
ومع استمرار الغموض حول استجابة السلطات لمطالب المعتصمين، تظل الأوضاع قابلة للتصعيد، خاصة إذا استمرت السلطات في تجاهل المطالب الشعبية.
وبحسب مراقبون، فقد يشهد الوضع مزيداً من الاحتجاجات في الأيام المقبلة إذا لم يتم التوصل إلى حلول جذرية تلبي تطلعات المعتصمين وتضمن حقوق المعتقلين.