قراءة في مزاعم تقارب أردوغان من نظام الأسد
قراءة في مزاعم تقارب أردوغان من نظام الأسد
بقلم: ياسر عبد الرحيم
تلخصت المطالب التركية التي انتشرت في آب 2022 بـ”تطهير الأسد لمناطق من عناصر “حزب العمال الكردستاني”، و”القضاء التام على التهديد الإرهابي على الحدود التركية السورية” و”الاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي والعسكري بين المعارضة ودمشق، والعودة الآمنة للاجئين”.
لكن الشواهد العسكرية لنظام الأسد، تؤكد أنّ الحسابات التركية خاطئة، فخيار الحسم العسكري كان ولم يزل الفيصل، لتعزيز قبضة النظام على السلطة، بواسطة حروبٍ عنيفة، طويلةٍ أو خاطفة، ومن ذلك ما تعيش سوريا تفاصيل أحداثه في الوقت الراهن.
والأهم من كل ذلك الموقف الأميركي الذي يراقب عن كثب التصريحات التركية حول إعادة العلاقات مع نظام الأسد، بتريّث، رغم دخول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خط التصريحات واتهامه الولايات المتحدة و”قوات التحالف” بأنهم “يغذون الإرهاب في سوريا”.
فالواقع أن استراتيجية أنقرة في الصراع الراهن، تعطي تفسيرا وكأنها “تورّطت” كطرف في حلبة الصراع المسلح في سوريا، وبلغت مدى صمودها الزمني؛ الأمر الذي يفيد بأن تركيا باتت قريبة من اتخاذ قرار خروجها من الحرب السورية، وتحولها إلى استراتيجية “الاقتراب الودي المباشر”، مع نظام الأسد وهو خيار تروج له الحكومة التركية، في إطار طرح إعلامي رسمي يتداوله الرئيس أردوغان وأركان إدارته.
حتى الآن، ما تزال كلا من (أنقرة والأسد) يتبادلان تصريحات ناعمة، فلا النظام وأحلافه بمقدورهم تلبية المطلب التركي بالقضاء على قوات “قسد” ولا تركيا تغادر الأراضي السورية قبل تنفيذ مطالبها، وتبقى مؤهلات الحسم تتجمّع بيد واشنطن.
ولعلنا قد نشهد أطرافاً خارجية جديدة، تتبنى المعارضة مما قد يطيل من عمر الفوضى، في سياق تنافس جديد.
وتلخصت الشروط بين النظام وتركيا بحسب التسريبات التي لم تؤكد بعد باشترط نظام الأسد عدم دعم تركيا العقوبات الأوروبية والأميركية ضد رجال الأعمال الموالين والشركات الداعمة لعائلة الأسد والحكومة السورية”، فضلاً عن “مناقشة الدعم المطلوب من تركيا لإعادة قبول نظام الأسد في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات والمنظمات الدولية المماثلة والذي تم تعليقه”. وذلك ما يمثل، عملياً، الإطاحة الناعمة بالقوى السورية المحلية كهدف مشترك بين الطرفين.
فيما تلخصت المطالب التركية بـ “تطهير الأسد لمناطق من عناصر “حزب العمال الكردستاني”، و”القضاء التام على التهديد الإرهابي على الحدود التركية السورية”، و”الاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي والعسكري بين المعارضة ودمشق، والعودة الآمنة للاجئين”.
كما اشترطت أنقرة أن تكون حمص ودمشق وحلب “مناطق تجريبية لعودة آمنة وكريمة” في المرحلة الأولى، ومن ثم توسيع هذا الإطار، ومراقبة تركيا لعملية عودة السوريين بشكل آمن والممارسات المطبقة مع السوريين حتى بعد عودتهم وإسكانهم.
كما طالبت نظام الأسد بـ”تطبيق مسار جنيف، وكتابة دستور ديمقراطي، وإجراء انتخابات حرة، والإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، وخصوصاً النساء والأطفال وكبار السن وذوي الظروف الصحية السيئة”.
في المقابل، ذكرت مصادر بأن العرض الروسي لتركيا في جمع المعارضة مع النظام قوبل بالرفض، إذ عزز الموقف الرفض الشعبي الواسع الذي أظهرته المظاهرات التي عمت الشمال السوري الرافض لأي عملية تصالح مع النظام بكل أشكاله.
وفعلياً فإن الرئيس التركي يريد من العملية العسكرية المخطط لها اكتشاف الدول التي تراعي المخاوف الأمنية لبلاده وأيها التي لا تعير ذلك اهتماما وهي قضية في محور الخلاف الحالي المتعلق بتوسيع حلف شمال الأطلسي.
وفي الواقع فإن تحرك الجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا احتمالا قائما منذ سنوات على الرغم من الهدوء النسبي على امتداد الحدود التركية منذ 2019.
وبالرغم من تمكن الوسطاء ومنهم الولايات المتحدة الأمريكية من تهدئة التوتر في السنوات القليلة الماضية فإنه عملياً ليتم التعامل مع صلب الموضوع ألا وهو العلاقات التركية مع حزب العمال الكردستاني “PKK”.
فتركيا استغلت مؤخراً قضية عضوية السويد وفنلندا في حلف شمال الأطلسي وهي تريدها فرصة لتحقيق هدفها لتأسيس منطقة عازلة خالية من حزب العمال الكردستاني على طول الحدود التركية مع سوريا، في وقت يسعى أردوغان لتحقيق ما سبق قبيل موعد الانتخابات الرئاسية في عام 2023 لعلّها عامل قوي في حملته الشعبية لدى الشارع التركي.