ماهو السبب الخفيّ وراء الغزو الروسي الوشيك لأوكرانيا؟
ماهو السبب الخفيّ وراء الغزو الروسي الوشيك لأوكرانيا؟
لا تزال التوترات تتصاعد على طول الحدود الروسية مع أوكرانيا، حيث تعزز موسكو وجودها العسكري، الذي يقدر بأكثر من 100 ألف جندي.
ونفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يكون لديه أي نية لغزو الدولة المجاورة، لكنه قدم للغرب سلسلة من المطالب، بما في ذلك إنهاء توسع الناتو بشرق أوروبا، وخاصة في دول الاتحاد السوفيتي السابق، وتقليص النشاط العسكري للولايات المتحدة والناتو “على أعتاب روسيا”.
فيما قال الناتو إنه أرسل سفنا وطائرات مقاتلة إضافية لنشرها في أوروبا الشرقية، بينما سحبت الولايات المتحدة وبريطانيا عائلات الدبلوماسيين من أوكرانيا.
ونقلت موسكو 30 ألف جندي وعتاد إلى بيلاروس المجاورة لإجراء تدريبات عسكرية، وردت كييف بتدريبات على طائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للدبابات، فيما أرسلت واشنطن آلاف الجنود الأميركيين إلى حلفاء الناتو في دول البلطيق وأوروبا الشرقية.
ويقول خبير العلاقات الدبلوماسية، جيمس غولدغير، لصحيفة “إندبندنت” إنه “لطالما كانت قضية استبعاد ذلك البلد (أوكرانيا) من الناتو هاجسا طويل الأمد لبوتين، الذي يتذكر بمرارة تداعيات انهيار الاتحاد السوفيتي، خلال فترة حكم سلفه بوريس يلتسين في التسعينيات، باعتبارها عقدا من الإذلال”.
وأضاف غولدغير أنه “في تلك الفترة كان بيل كلينتون رئيسا للولايات المتحدة التي فرضت رؤيتها للنظام في أوروبا (بما في ذلك كوسوفو عام 1999)، في حين أن الروس لم يكن بإمكانهم فعل شيء، سوى الوقوف متفرجين والمراقبة”.
وقد كتب يلتسين بالفعل رسالة إلى كلينتون في سبتمبر 1993، معربا عن مخاوف مماثلة، قائلا: “نحن نفهم، بالطبع، أن أي انضمام محتمل لدول أوروبا الشرقية إلى الناتو لن يؤدي تلقائيا إلى تحول التحالف بطريقة ما ضد روسيا، ولكن من المهم مراعاة الكيفية التي قد يتفاعل بها الرأي العام لدينا مع هذه الخطوة”.
ولمعالجة هذه المخاوف، تم التوقيع على “القانون التأسيسي” لحلف الناتو وروسيا في عام 1997، وهو اتفاق سياسي ينص صراحة على أن: “الناتو وروسيا لا يعتبران بعضهما البعض خصمين”.
وتبع ذلك تشكيل “مجلس الناتو وروسيا” في عام 2002.
لكن الرئيس بوتين “انزعج” لاحقا مما اعتبره “امتدادا تدريجيا” لحلف الناتو شرقا، وفقا للصحيفة، حيث انضمت تشيكيا والمجر (هنغاريا) وبولندا في عام 1999، وتلتها بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا في 2004.
وفسر بوتين انضمام هذه الدول إلى الناتو على أنه “نقض لوعد” الولايات المتحدة، الذي قدمه وزير خارجيتها آنذاك، جيمس بيكر، لميخائيل غورباتشوف (آخر رئيس للاتحاد السوفيتي)، خلال زيارته موسكو بشهر فبراير عام 1990، لمناقشة إعادة توحيد ألمانيا بعد سقوط جدار برلين.
ووفقا لمسؤولين روس (لم تذكر أسماؤهم)، فإنه من المفترض أن يكون بيكر قد تعهد لغورباتشوف، بأنه “لن يكون هناك تمدد لقوات الناتو بوصة واحدة إلى الشرق”، على الرغم من أن هذا الاقتباس هو “محل خلاف كبير”، وأن الأخير نفى أن يكون بيكر قد تحدث به، وذلك في مقابلة أجرتها معه في أكتوبر 2014 صحيفة كوميرسانت.
وبعد انضمام بعض الدول في أوروبا الشرقية للناتو، “عزز بوتين ضغائنه، وحرص بلا شك على تعزيز المشاعر المعادية للغرب في الداخل، وعلى توسيع قاعدة نفوذه، وهو يعارض بشدة انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى التحالف”، وفقا للصحيفة.
وقال بوتين في مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007: “من الواضح أن توسع الناتو ليس له أي علاقة بتحديث الحلف نفسه أو بضمان الأمن في أوروبا. بل على العكس، فإنه يمثل استفزازا خطيرا يقلل من مستوى الثقة المتبادلة”.
وبعد ذلك، قال أثناء حضوره قمة الناتو في بوخارست: “لا يمكن لأي زعيم روسي أن يقف مكتوف الأيدي في مواجهة الخطوات نحو عضوية أوكرانيا في الناتو. سيكون ذلك عملا عدائيا تجاه روسيا”، مما يعني أنه يشكل خطرا على أمن روسيا.
وفي أغسطس 2008، غزت روسيا جورجيا، واحتلت منطقتين تتمتعان بالحكم الذاتي، وقد أدت هذه الإجراءات الروسية لإدانات دولية.
وفي 2014 سيطرت روسيا على شبه جزيرة القرم، ودعمت عناصر انفصالية وميليشيات موالية لها في منطقتي لوغانسك ودونيتسك، وأسفرت معارك هذه الميليشيات مع القوات الأوكرانية عن آلاف القتلى.
وفي مقابل ذلك، تقول دول غربية أعضاء في الحلف، إن الباب مفتوح لانضمام أوكرانيا إلى الناتو، ولن يغلق في وجهها، وقدمت بعض الدول دعما عسكريا لأوكرانيا للدفاع عن نفسها، في حين هددت دول أخرى بفرض عقوبات على موسكو حال حدوث غزو روسي.
المصدر: قناة الحرة