متى سيستعيد الشعب زمام المبادرة لينقذ ثورته ؟!
تضحيات كبيرة قدمها الشعب السوري العريق في سبيل ثورة الحرية والكرامة التي ثار لأجلها وكسر قيوداً كبلّته لعشرات من السنين منادياً بأبسط حقوقه في العيش الكريم وللتخلص من سطوة العصابة الاسدية.
وما إن هتفت درعا حتى لبت حمص ورددت خلفها حماة و اللاذقية لتستلم الراية دمشق و حلب وادلب لتنضم اليهم دير الزور و الرقة ثم لتصل نيران الثورة الى كل بقعة سورية , ويبدأ الطوفان , فيلتحم الشعب مع الجيش الحر وتبدأ حرب التحرير الشامل التي بدأت من القرى و الأرياف لتصل الى قلب المدن و مفاصل الحياة الاقتصادية و السياسية لنظام الأسد .
بدأت بعدها مرحلة الركود و المعارك الجانبية التي افتعلها اقذر كيان مخابراتي حاول الانقلاب على الثورة بثورة مضادة..
داعش ؛ حيث عملت على سرقة إنجازات الثورة و ارضها وحاضنتها وسلاحها , فحاربها الشعب بفطرته و الثوار بإيمانهم وكسرو قرنها و بددوا أحلام سفهاءها .
ومع ضراوة المعارك ظهرت تنظيمات جديدة بنت نفسها على أكتاف الشعب و ثورته , أكلت من خير الثورة و شربت من نهر نصرها الدافق .
ومع طول أمد الثورة و ضبابية المواقف الدولية تجاه ثورة السورين , ومع سعي الدول للتأثير بقرار تلك التنظيمات و الفصائل استطاعت أن تُحدث شرخاً بين فصائل الثورة وتزرع التباينات الفكرية و الايديلوجية لتتوج هذه الخلافات التي تمت تغذيتها بأفكار وصراعات لا تمت لثورة السوريين و لا ترتقي لمستوى آلامهم و آمالهم .
وبعد أن سلبت تلك التنظيمات من السوريين ثورتهم – بحسب بعض الناشطين – , و أثقلت كاهلها بحسابات فصائلية و دولية و إقليمية ومصالح استراتيجية لدول عدة , يقف السوريين اليوم على منعطف خطير وهم يرون أبنائهم قد تاهوا في معارك جانبية بين الفصائل و التنظيمات .
أكتب هذه الكلمات على وقع اشتباكات تجري الآن في بلدة كللي بريف ادلب الشمالي بين حركة احرار الشام و هيئة تحرير الشام .
4 حواجز فقط في هذه البلدة الصغيرة التي لم تكن الأولى ومن المتوقع أنها لن تكون الأخيرة في ظل ابتعاد قادة هذه التنظيمات و الفصائل عن مسار الثورة السورية والتيه وراء سراب لن يجلب لهم سوى الضياع و التشتت وللسوريين سوى مزيدا من القهر و الألم .
تساؤلات عدة لن تحصل لها على جواب , من أم ودعت فلذة كبدها ليلتحق بجبهات القتال ضد قوات النظام , ليلقى به في معركة جانبية ليس للسوريين ولا لأم الشهيد فيها ناقة فيها و لا جمل .
من ذا هو القادر على أن ينظر في عيني خنساوات سورية اللواتي سكبن من دماء ابنائهن زيتا في قناديل الحرية , التي يحاول هؤلاء اطفائها بصراعاتهم الجانبية .
الشعب السوري الذي لم تكسره أعتى قوة تدمير استخدمها العالم لكسر شوكته و إركاعه و ثنيه عن مطالبه في الحرية و الكرامة , يراقب اليوم – بغضب – ما يجري من اقتتال داخلي وصراع بين الفصائل , في ظل مناشدات قديمة متجددة لتلك الفصائل بتطبيق السنة الكونية التي لا تحابي أحد , بضرورة الاعتصام وتوحيد الصف .
بركان يغلي في قلوب السوريين القابضين على جمر ثورتهم كي لا تخبو ولا تنطفئ , لتبقى متوقدة تنير درب جيل الحرية .
و السؤال المطروح الآن الذي لم أجد له جواباً مع بدء جولة جديدة من معارك التيه اللامتناهي في ريف ادلب الجنوبي بين صقور الشام و هيئة تحرير الشام ..
متى سينفجر ذاك الجمر المتوقد تحت الرماد؟!
متى سيستعيد الشعب زمام المبادرة وينقلب عليهم ليصحح مسار بنادقهم وينقذهم من متاهات الفصائلية والتحزب المقيت ؟!
الكاتب: عبد الكريم ليلى -وكالة ثقة