هل يسعى أردوغان للتطبيع مع الأسد أم للسيطرة على حلب؟
يشهد شمال سوريا حالة من الازدواجية التركية الواضحة بين مساعي أنقرة المعلنة للتطبيع مع نظام الأسد، ودعمها الميداني المتواصل للفصائل المعارضة.
وفي آخر تلك التصريحات التي كشفت حالة الازدواجية التركية، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة 24 تشرين الأول، للضغط على الأسد لتيسير هذا المسار، معتبرةً أن تحقيق استقرار في سوريا يسهم في أمنها القومي ويحد من موجات اللجوء إليها.
وأكّد أردوغان في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا ونسعى لتحقيق سلام شامل ودائم في المنطقة، كما وشدد على ضرورة أهمية مكافحة التنظيمات الإرهابية دون تمييز لحماية حدودنا وضمان استقرار المنطقة.
وتابع: “نتوقع من الإدارة السورية (نظام الأسد) الاستفادة من عملية تطبيع صادقة وواقعية مع تركيا وندعوها لاتخاذ خطوات في هذا الاتجاه.
السيطرة على حلب!
من جهة أخرى، تواصل تركيا تعزيز وجودها العسكري في إدلب، حيث ترسل المزيد من القوات والتعزيزات إلى نقاط المراقبة المنتشرة قرب خطوط المواجهة مع قوات النظام السوري، منذ مطلع شهر تشرين الأول الحالي، وفي تلك الأثناء، كانت فصائل المعارضة، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، تستعد لشن هجوم عسكري يهدف إلى السيطرة على مدينة حلب.
ولكن بعد 15 يوماً من بدء إرسال التعزيزات التركية وجهززية فصائل المعارضة على جميع خطوط التماس في منطقة إدلب، باشرت روسيا بشن غارات جويّة مكثّفة استمرت 3 أيام متواصلة، استهداف المناطق السكنية المكتظة في أرياف إدلب، وأدّت إلى سقوط عشرات الضحايا، وأجبرت العديد من العائلات على النزوح مجددا، في مشهد زاد من حدة التوترات الإنسانية والأمنية.
التوازن بين السياسة والتدخل العسكري
من جهته، رأى الباحث “فراس الشامي” أن تركيا تسعى جاهدة لإيجاد توازن بين رغبتها في تطبيع العلاقات مع دمشق، وبين حاجتها إلى الاحتفاظ بنفوذ عسكري في الشمال السوري لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
.
ورجح الشامي أن هذه الاستراتيجية تمنح أنقرة مجالاً أكبر للمناورة السياسية، حيث تعتمد على دعم الفصائل المعارضة كورقة ضغط في مواجهة النظام وحلفائه، وفي الوقت ذاته تقدم مبادرات دبلوماسية لتحقيق استقرار طويل الأمد.
وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية تحمل في طياتها مخاطر زيادة الصراع وتعقيد المشهد الميداني، ما قد يؤدي إلى تصعيد جديد يصعب السيطرة عليه.
في ظل هذه المعطيات، أوضح تبدو الخيارات أمام تركيا معقدة؛ فإما أن تواصل نهجها العسكري الداعم للمعارضة وتساندها في السيطرة على مناطق جديدة وعلى رأسها مدينة حلب،؛ ما قد يقوض جهود التطبيع، أو أن تتجه نحو خيار التطبيع بجدية، مما يستلزم تقليص دعمها لفصائل المعارضة.
واختتم قائلاً: “بين هذين الخيارين، تقف تركيا أمام تحدي كبير في إيجاد حل يلبي مصالحها دون الانجرار إلى نزاعات أوسع أو التورط في مواجهات مع الأطراف الدولية الفاعلة في سوريا”.