ما تفاصيل توغل إسرائيل في القنيطرة؟
شهدت الأيام الأخيرة تحركات عسكرية إسرائيلية ملحوظة في محافظة القنيطرة جنوب سوريا، حيث توغلت الدبابات الإسرائيلية في بعض المناطق الحدودية.
وبررت إسرائيل هذا التحرك بأنه يهدف لمنع تهريب الأسلحة من قبل حزب الله عبر الحدود السورية اللبنانية.
وفي ظل هذه التوترات، تتصاعد المخاوف من مواجهة عسكرية أوسع في المنطقة، بينما ينفي النظام السوري هذه التوغلات ويصدر تصريحات لتهدئة الوضع.
وفقًا لمصادر إسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي قام بإنشاء طريق ترابي يمتد من شمال القنيطرة إلى جنوبها، بالإضافة إلى تجهيز سياج أمني جديد على الحدود السورية.
وبحسب المصادر فإن الهدف المعلن لهذه التحركات هو منع تسلل مسلحين باتجاه هضبة الجولان، وهي منطقة ذات حساسية استراتيجية كبيرة بالنسبة لإسرائيل.
وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع تصريحات صادرة عن اليمين المتطرف الإسرائيلي تدعو لاحتلال مناطق سورية بحجة حماية أمن إسرائيل من التهديدات المتزايدة، حيث دعا زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، إلى احتلال القسم السوري من جبل الشيخ، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من المنطقة حتى إشعار آخر.
على صعيد آخر، تشير التقارير إلى أن الصحافة الإسرائيلية تمهد الأجواء لتحرك عسكري أوسع في سوريا، خاصة مع تزايد الحديث عن انتشار آلاف المقاتلين المدعومين من إيران قرب الجولان.
بدورها، تحدثت صحيفة هآرتس عن قدوم 40 ألف مقاتل من العراق واليمن إلى سوريا، ما يزيد المخاوف الإسرائيلية من تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة.
في هذا السياق، أوضح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن الغارات الجوية التي استهدفت مناطق على الحدود السورية اللبنانية مطلع الشهر الجاري كانت تهدف لضرب خطوط إمداد حزب الله ووقف عمليات تهريب الأسلحة.
موقف النظام السوري
في المقابل، نفى النظام السوري التوغل الإسرائيلي بالكامل، حيث صرح خالد أباظة، أمين فرع حزب البعث في القنيطرة، أن ما يتم تداوله حول هذه التوغلات “لا أساس له من الصحة”.
وجاءت هذه التصريحات على خلفية تقارير تفيد بوجود اتصالات بين النظام السوري ودول إقليمية مطبعة مع إسرائيل، تتضمن تحذيرات للنظام من السماح بتصعيد عسكري ضد إسرائيل انطلاقًا من الأراضي السورية.
كما تحدثت تقارير صحفية عن رسائل إسرائيلية مباشرة للنظام عبر وسطاء إقليميين، تحذر من رد إسرائيلي قوي إذا سمح النظام باستخدام سوريا كقاعدة لتهديد المصالح الإسرائيلية.
وفي السياق، نقلت قناة الجزيرة عن مصادر دبلوماسية غربية أن إسرائيل هددت باستهداف النظام السوري بشكل مباشر إذا استمر التصعيد ضدها.
الموقف الروسي
على الجانب الروسي، أعادت موسكو مؤخرًا نشر نقاطها العسكرية في ريفي درعا والقنيطرة، وهو تحرك تزامن مع تصعيد الغارات الإسرائيلية ضد أهداف في سوريا.
على الرغم من إدانات روسيا العلنية للهجمات الإسرائيلية، إلا أن مراقبين يرون أن التنسيق الروسي الإسرائيلي حول سوريا ما زال مستمرًا، حيث توقعوا أن الهدف الروسي الأساسي هو منع جبهة الجولان من الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة قد تؤثر سلبًا على المصالح الروسية في سوريا، وخاصة في ظل التوترات بين موسكو وتل أبيب بسبب الحرب في أوكرانيا.
وكان مركز الجزيرة للدراسات قد أشار في تحليل سابق إلى أن روسيا تسعى لضبط الأوضاع في الجنوب السوري ومنعها من التصعيد، في حين تركز إسرائيل على تقويض نفوذ إيران وحزب الله في المنطقة، مع العمل على تجنب استفزاز روسيا بشكل مباشر.
حدود التوغل المحتمل
في ظل هذه التطورات، من المتوقع أن تستمر إسرائيل في التحركات العسكرية في جبل الشيخ والشريط الممتد من جنوب القنيطرة إلى شمالها.
وتبدو هذه التحركات جزءًا من استراتيجية أوسع لتأمين الجولان ومنع نقل الأسلحة لحزب الله عبر سوريا، فالغارات الإسرائيلية المتكررة على مستودعات الأسلحة والمراكز اللوجستية التابعة لحزب الله في سوريا، بما في ذلك الطريق البري بين سوريا ولبنان، تعكس هذا التوجه.
وتتزايد المخاوف في إسرائيل من انتقال مقاتلين يمنيين وعراقيين إلى المنطقة المحاذية للجولان، ما قد يدفع إسرائيل إلى توسيع نطاق عملياتها العسكرية في سوريا خلال الفترة المقبلة.