أمير قطر يصل دمشق.. ماذا يحمل في جعبته؟سوريا تعلن الانتصارماذا قالت روسيا عن مصير الأسد.. ولماذا التزمت الصمت؟جدل واسع بعد قرار وزارة العدل الأخير.. ما القصة؟وفد روسي رفيع المستوى يصل دمشق.. ماذا يريد؟حركة نور الدين الزنكي ترفض الاتهامات الباطلة بحقها بعد انسحابها من الساحل السوريهل باتت واشنطن ترى في القيادة السورية الجديدة شريكًا في محاربة داعش؟ما حقيقة انسحاب القوات الأمنية من الساحل؟السعودية تتحرك لرفع العقوبات عن سوريا.. هل ينجح المسعى؟اتفاقيات كبرى بين تركيا وسوريا.. تعرف إليهاتراجع أسعار اللحوم الحمراء في دمشق.. كم بلغ سعر الكيلو؟تطور جديد يحدد مصير الموانئ السورية.. ما التفاصيل؟تعرف إلى استراتيجية السعودية الجديدة تجاه سوريا“أسمنت الجوف” السعودية تدخل السوق السورية بصفقة تصدير ضخمة.. وهذه قيمتها!أسعد الشيباني يمثل سوريا لأول مرة في منتدى دافوس 2025

سوريا تعلن الانتصار

خالد عقلان

في مشهد مهيب سيبقى محفورًا في ذاكرة التاريخ، أعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا عن سلسلة من القرارات الحاسمة، قرارات لم تكن مجرد أوامر عابرة، بل صواعق صبّت في نهر المصير السوري، لتجرف معها ركام الاستبداد وتفتح أفقًا جديدًا من الحرية والعدالة والمواطنة.

اليوم، تنهض سوريا من تحت الرماد، تخلع عنها أثواب القهر، وتستعيد كرامتها المسلوبة، مدشّنة عهدًا انتظرته أجيالٌ بلهفة الحالمين وعزيمة الثائرين.

في خطوة توصف بأنها المفصلية في تاريخ سوريا الحديث، تولّى القائد أحمد الشرع مهام رئاسة الجمهورية العربية السورية خلال المرحلة الانتقالية، ليكون صوت الوطن في المحافل الدولية وحارسًا أمينًا على مسيرة إعادة التأسيس.

لم تكن هذه اللحظة مجرد تبديل للأسماء أو انتقالًا اعتياديًا للسلطة، بل كانت إعلانًا عن تحرر سوريا من أسر الاستبداد، وانعتاقها من ظلمات القهر إلى نور الحرية.

إنها لحظة استثنائية، ليست وليدة قرار منفرد، بل نتيجة صبر طويل ومعاناة أجيال خاضت أعتى التحديات. إنها صرخة من قلب المعاناة السورية، نداء أطلقه شعبٌ قرر ألا يكون رهينة لحاكم مستبد أو نظام جائر، وألا يترك مصيره مرهونًا بأيدي الطغاة.

إنها سوريا العظيمة تعود إلى ذاتها، إلى هويتها الأولى التي شوهتها سنوات الاستبداد والتسلط.

لم تكن القرارات الصادرة مجرد إجراءات شكلية، بل جاءت لتحطم كل القيود التي كبلت السوريين لعقود. لقد أُعلن إلغاء العمل بدستور عام 2012، الذي كان أداةً لتكريس الحكم المطلق، وإيقاف جميع القوانين الاستثنائية التي سلبت المواطن حقوقه وحريته.

وبهذا القرار، تُطوى صفحة من التشريعات الجائرة، ويفتح الباب أمام صياغة عقد اجتماعي جديد، عقد يُكتب بحبر الإرادة الشعبية، لا بمراسيم الفرد الواحد، يؤسس لدولة القانون والمؤسسات، حيث يكون الشعب هو السيد، والعدالة هي الحكم، والحرية هي القاعدة لا الاستثناء.

إنه يوم تتنفس فيه سوريا هواءً نقيًا، خاليًا من قيود الماضي، حيث تعود الحقوق إلى أصحابها، ويصبح الدستور مرآةً صادقة لتطلعات السوريين، لا مجرد نصوص جامدة تُفسّر وفق الأهواء.

لم يعد هناك مكان لمؤسسات شكلية تُدار بالتوجيهات العليا، ولم يعد هناك منبرٌ يُستخدم لتمرير قرارات الحاكم دون اعتراض. فقد أُعلن حل مجلس الشعب، الذي ظل لعقود مجرد ديكور سياسي، يُنصب فيه الموالون، وتُقصى فيه أصوات الأحرار. هذه الخطوة تُعيد للبرلمان وظيفته الحقيقية كمنبر للشعب وصوت لمطالبه، لا مجرد أداة في يد السلطة.

لكن التغيير لم يتوقف هنا، فقد امتد ليشمل إعادة بناء المؤسسة الأمنية، تلك المؤسسة التي ارتبط اسمها في الذاكرة السورية بالقمع والاعتقال والاختفاء القسري. لقد أُعلن حل جميع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، بكل فروعها وتسمياتها، ليتم تشكيل مؤسسة أمنية جديدة، مؤسسة تحفظ أمن المواطن لا أن ترهبه، تعمل وفق القانون لا وفق الأوامر الشفهية، مؤسسة يكون هدفها حماية سوريا لا حماية الحاكم.

إنها لحظة قطيعة مع ماضٍ مؤلم، لحظة تودّع فيها سوريا القبضة الحديدية التي جثمت على صدرها لعقود، وتفتح الباب أمام بناء دولة تحفظ أمن أبنائها لا أن تسلبهم حريتهم.

ومن أهم القرار اليوم حل حزب السلطة الطائفية فلأكثر من نصف قرن، ظل حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم المطلق لسوريا، متغلغلًا في تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكن اليوم، أُعلن حله نهائيًا، إلى جانب أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي لم تكن سوى واجهة شكلية لسلطة الحزب الواحد.
لقد انتهى زمن احتكار السياسة، وانتهى معه الإرث الحزبي الذي حوّل سوريا إلى مزرعة سياسية مغلقة.

ولم يكن الحلّ مجرد قرارٍ سياسي، بل خطوة عملية تُعيد للوطن موارده التي استُنزفت في خدمة مشاريع حزبية ضيقة، عبر مصادرة جميع أصول هذه الأحزاب لصالح الدولة السورية.

بهذا القرار، يُسدل الستار على مرحلة الشعارات الجوفاء، ويفتح الباب أمام نظام سياسي تعددي يعكس الإرادة الشعبية الحقيقية، حيث يكون المواطن السوري هو الفاعل السياسي، لا مجرد تابعٍ للحزب الحاكم.

لم يكن القرار مقتصرًا على إصلاح السلطة، بل شمل أيضًا معالجة مسألة السلاح والقوى العسكرية. فقد تقرر حل جميع الفصائل العسكرية التي نشأت خلال سنوات الحرب، إلى جانب الأجسام الثورية السياسية والمدنية، وإدماجها في مؤسسات الدولة الرسمية.

هذه الخطوة ليست مجرد إعادة هيكلة عسكرية، بل تأكيد على أن السلاح يجب أن يكون بيد الدولة وحدها، وأن وحدة سوريا لا يمكن أن تتحقق إلا تحت راية وطنية واحدة، بعيدًا عن التشرذم والانقسام. إنها خطوة تعزز الاستقرار وتمنع انزلاق البلاد إلى الفوضى.

لأن التاريخ يُصنع بلحظات كهذه، فقد تقرر أن يكون الثامن من كانون الأول من كل عام يومًا وطنيًا، يومًا يحتفل فيه السوريون بولادة عهد جديد، يومًا يرمز إلى انتصار الإرادة الحرة، إلى استعادة سوريا المسلوبة، وإلى بداية طريق طويل نحو الحرية والعدالة والاستقرار.

ليس مجرد يوم في التقويم، بل علامة فارقة في ذاكرة الشعب، تُذكّره دومًا بأنه قادر على التغيير، قادر على كسر القيود، قادر على صنع مستقبله بيده.
اليوم، تدخل سوريا مرحلة غير مسبوقة من تاريخها، مرحلة تتطلب حكمة القادة، وتكاتف جميع المخلصين فالطريق ليس مفروشًا بالورود، والتحديات عظيمة، لكن الإرادة الشعبية أقوى من أي عقبات.

لقد أُعلن سقوط الاستبداد، لكن المهمة لم تنتهِ بعد، فالانتصار الحقيقي لن يكون إلا ببناء وطن يتسع لجميع أبنائه، وطن تُحكم فيه المؤسسات بالقانون لا بالولاءات، ويكون فيه العدل هو الميزان، والحرية هي النبراس.

إنها لحظة للفرح، لكنها أيضًا لحظة للعمل والبناء، لحظة لإعادة الإعمار، ليس فقط بالحجر، بل بإرساء قيم الديمقراطية، وترسيخ ثقافة المشاركة، وإعادة ثقة المواطن بوطنه.

فسوريا اليوم ليست كما كانت بالأمس.

زر الذهاب إلى الأعلى