إدلب في مواجهة أزمة القمح.. استهلاك يفوق الإنتاج بثلاثة أضعاف
تواجه محافظة إدلب شمال غربي سوريا فجوة كبيرة بين إنتاجها من القمح واحتياجاتها المتزايدة للقمح.
وفقاً لمدير “المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب” في حكومة الإنقاذ، أحمد عبد الملك، فإن إجمالي إنتاج القمح في إدلب خلال موسم 2024 بلغ حوالي 49,138 طنا فقط، في حين يصل استهلاك المحافظة السنوي إلى 204 آلاف طن، أي ثلاثة أضعاف الإنتاج المحلي.
وأوضح عبد الملك أنه لتلبية الطلب المتزايد على الطحين، تستورد إدلب كميات كبيرة من القمح شهريا تُقدر بحوالي 17 ألف طن، يُحوَّل معظمها إلى 14 ألف طن من الطحين، المستخدم في صناعة الخبز والعديد من المنتجات الغذائية الأخرى مثل الحلويات والمعجنات.
وأشار عبد الملك إلى أن الاعتماد على الطحين المستورد يشكّل ضغطا على الاقتصاد المحلي، إلا أن المساحات الزراعية المتاحة لا تكفي لتلبية الاحتياجات المحلية.
وأضاف أن المؤسسة تعمل على تقليل الاعتماد على الطحين المستورد تدريجيًا، من خلال دعم الطحين المحلي، الذي يتميز بقيمة غذائية أعلى، ويساهم في توفير فرص عمل أكبر، والاستفادة من الموارد المحلية بشكل أفضل.
وتُعد الزراعة المورد الأساسي للدخل في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة منذ سنوات، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج، بما في ذلك أسعار البذار، والأسمدة، والمبيدات الحشرية، وتكاليف الري والحصاد.
وتفاقم الوضع بعد العمليات العسكرية التي قادتها قوات النظام وروسيا بين عامي 2019 و2020، والتي أدت إلى خسارة مناطق زراعية شاسعة قُدرت بحوالي 60% من الأراضي الزراعية في إدلب، ما أثر بشكل مباشر على إنتاج المحاصيل الأساسية مثل القمح.
رغم هذه التحديات، شهد العامان الماضيان ارتفاعًا ملحوظًا في إنتاج القمح، بفضل برنامج “القرض العيني لزراعة القمح” الذي أطلقته حكومة الإنقاذ. يتيح هذا البرنامج للمزارعين الحصول على مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة ومحروقات دون فوائد، مع إلزامهم بتسديد قيمة القرض بعد الحصاد نقدًا.
وبلغ عدد المستفيدين من البرنامج 5331 مزارعًا، مما ساعد في تحسين الإنتاج، ولو بشكل جزئي.
وسط الأزمة الاقتصادية، بدأ العديد من المزارعين في إدلب بالتخلي عن الزراعات التقليدية مثل القمح والشعير، والاتجاه نحو زراعات بديلة تدر دخلًا أعلى بتكاليف أقل. ومع ذلك، يبقى القمح أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية التي لا يمكن الاستغناء عنها، ليس فقط لدوره في إنتاج الخبز، بل أيضا لأهميته في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
وتسعى حكومة الإنقاذ إلى تعزيز إنتاج القمح محلياً عبر سياسات تهدف إلى زيادة المساحات المزروعة وتحسين إنتاجية الأرض من خلال توفير الدعم اللازم للمزارعين. ومع ذلك، تبقى هذه الجهود محدودة مقارنة بحجم العجز، ما يجعل الاستيراد خيارًا لا بديل عنه في المستقبل القريب.