أحمد الشرع: أمن الخليج أولوية وسوريا تسعى لعلاقات استراتيجيةضمن حملة “إحياء الأمل”.. قطر الخيرية تسير قافلة مساعدات للشعب السوريالخارجية الأمريكية تلتقي أحمد الشرع بدمشقالمفوضية الأوروبية: سوريا القديمة اختفت وسوريا الجديدة لم تولد بعدسوريا موحدة بدون “قسد”.. إليكم أبرز ما جاء في اجتماع وجهاء ديرالزور مع التحالف الدوليزيارات دبلوماسية متلاحقة.. بريطانيا وألمانيا وفرنسا تتحرك نحو سوريا الجديدةبدون محاسبة.. هل يمكن للحكومة السورية الجديدة أن تحقق السلام والتعايش المشترك؟ما تفاصيل الانسحاب الروسي من سوريا؟أحمد الشرع: خططنا واضحة لإعادة بناء سوريا وتحقيق تطور شاملالشرع يستقبل القائد العسكري أحمد رزق في دمشق.. ما تفاصيل اللقاء؟وزارة الإعلام تعلن عزمها محاكمة إعلاميي النظام المخلوعمناشدات لإنهاء خطر قناصي الليرمون9 دول تستأنف علاقاتها الدبلوماسية مع سورياروسيا تستعد لسحب عتادها العسكري من سورياهروب الأسد من سوريا.. تفاصيل مثيرة عن الساعات الأخيرة

إيران على طاولة التشريح

إيران على طاولة التشريح

بقلم العميد الركن: أحمد رحال

تخطئ إيران إذا اعتبرت عقدها لقمة طهران الثلاثية بشكل يوازي عقد قمة جدة, وتخطئ إذا اعتقدت قمتها قد أعادت التوازن لموقعها الجيوسياسي, وتخطئ مرة أخرى إن لم تتوقف ملياً وتعيد قراءة تفاصيل ما حصل بقمة جدة, وتستخلص منها العبر, وتستشرف القادم والتغيرات المؤكدة التي ستطرأ على المشهد الشرق أوسطي بعد قمة جدة.

منطقة الشرق الأوسط وبسبب قرارات كارثية لإدارة أوباما (الرئيس الأمريكي السابق), عاشت لحظات كئيبة بعد أن تخلت الإدارة الأمريكية السابقة عن كامل المنطقة, وخذلت حلفائها, كرمى لتوقيع اتفاق نووي مع إيران عام 2015, والجميع دفع ثمناً باهظاً لهذا الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت به إدارة أوباما, ومن ثم انكفأت الإدارات الأمريكية اللاحقة لتجعل من المحيط الهادي والصين مسرحاً وخصماً وحيداً يجب مواجهته بعد تخليها عن منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي, حتى الملف السوري وبأوامر أوبامية أوكله وزير الخارجية الامريكي جون كيري للروس وخرج لينصح المعارضة السورية الباحثة عن حل لشعبها بالذهاب إلى موسكو.

إيران التي توصف بصائدة الفرص لعبتها بشكل جيد, والتقطت الفرصة, وزادت من عبثها بالمنطقة, فالساحة العراقية باتت مرتعها, واليمن شغلته بالحوثي وأرادته خالصاً لها, وحزب الله ابتلع الدولة اللبنانية وتسيد المشهد الحكومي والسياسي, وفي سوريا تم الزج بكل ميليشيات إيران ومرتزقتها للاستفادة من التخلي الأمريكي واقتناص الفرصة على حساب دماء الشعب السوري.

شهدت الفترة الممتدة من عام 2015 وحتى الوقت الحالي تزايداً واضحاً للوجود الإيراني في سوريا, وسيطر الحرس الثوري الإيراني وفيلق (اللاقدس) وبقية مرتزقتها من زينبيون وفاطميون وبقايا الحشد الشعبي من العراق على مفاصل الجغرافية السورية, وتشير آخر التقارير العسكرية لـ (مركز جسور) بوجود 753 قاعدة عسكرية ونقطة تمركز وانتشار لقوات أجنبية على الأرض السورية, منها لإيران فقط 469 موقع, بمعنى أن نسبة الوجود الإيراني للوجود الأجنبي في سوريا يعادل 63% مقابل الجميع, وانتشار ميليشيات إيران العسكري في سوريا لا يشمل فقط السيطرة على الدولة السورية, وعلى الحكومة السورية, وعلى مناهج التعليم في سوريا, وافتتاحها لثماني جامعات إيرانية في سوريا, وبناء أكثر من 140 مدرسة ثانوية وإعدادية (شيعية) في محافظات سورية, وعسكرياً وأمنياً فقد بات الحرس الثوري الإيراني يسيطر على معظم القواعد الجوية ومقرات الفرق العسكرية البرية, وكامل مراكز البحوث العلمية ومراكز التصنيع العسكري في سوريا.

هذا الواقع المأساوي للشعب السوري نجم عن عدة أخطاء داخلية وخارجية ولا تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية كاملة عنها, لكنها بالتأكيد كانت سبباً رئيساً من أسباب التمدد الإيراني في سوريا.

قمة جدة التي جمعت كامل دول الخليج يضاف لهم زعماء دول عربية فاعلة (مصر, العراق, الأردن) ومعهم القطب الأوحد بالعالم الولايات المتحدة الأمريكية (وتركيا ليست ببعيدة عن هذا المحور بعد أن اكتوت مؤخراً بلظى خلايا الإرهاب الإيراني وألقت القبض على خليتين إيرانيتين للاغتيال في استانبول), تلك القمة التي شكلت عودة أمريكية للمنطقة بعد إدراك الدولة الأمريكية العميقة لمدى الخطأ بترك تلك المنطقة ليشغلها الروسي والصيني ويعبث فيها الإيراني, وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا عجلت بالعودة الأمريكية, وموقف دول الخليج الرافض للضغوط الأمريكية أجبر إدارة الرئيس (بايدن) على العودة للمنطقة شبه معتذرة عما بدر منها, متعهدة بتصحيح أخطاء الماضي والتنسيق المستقبلي, بشكل يضمن ليس أهداف أمريكا فقط كما فعل أوباما بل بمراعاة وتلبية الهواجس الأمنية والوجودية لمنطقة توصف أنها الأكثر أهمية بالعالم.

قمة جدة سبقتها بعض الإجراءات الدفاعية وشبه التحالفات لبعض الدول, فقد اتفقت مصر والعراق والأردن وإسرائيل على ربط منظومات دفاعها الجوي بما يحقق الربط الآمن لتأمين سماء تلك الدول وتبادل المعلومات الاستطلاعية الضرورية لأمن تلك البلدان, وسبق ذلك أن نشرت إسرائيل لبعض منظوماتها الاستطلاعية المتطورة في بعض الدول الآسيوية ومنها الإمارات العربية والبحرين, وقد تكون هناك منظومات دفاع جوي إسرائيلية قرب محطات الرادار التي نصبتها إسرائيل في الخليج العربي, وأيضاً ومنذ أشهر والغواصات الإسرائيلية باتت تجوب مدخل البحر الأحمر الجنوبي عند مضيق باب المندب وكذلك خايج عدن, وبعد قمة جدة تم الإعلان عن إنشاء قوات بحرية مشتركة الفرقة 153 (CTF-153) , وهي عبارة عن شراكة بحرية تضم 34 دولة بقيادة أمريكية، ستركز أعمالها بالمراقبة والسطع على البحر الأحمر، مضيق باب المندب وخليج عدن، لوقف تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الوكلاء الإرهابيين الذين يؤججون الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وتشكيل فرقة المراقبة يأتي بعد جملة قالها الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي خلال قمة جدة قال فيها: (لا مكان في المنطقة للميليشيات ولا لداعميها الذين يوفرون لها المال والسلاح), وما قاله الرئيس السيسي يتوافق عليه كل من حضر تلك القمة, والمضمون أيضاً يعبر عن طلب متوافق عليه بشبه إجماع عربي_ غربي, وإن كان الرئيس السيسي لم يسمي من يقصد, فالجميع يعلم أن المقصود بالكلام إيران, وإن كانت قمة جدة لم توجه سهامها لإيران أيضاً, فالجميع يعلم أيضاً أنها المقصودة من مجمل قمة جدة.

ما فعلته إيران في سوريا واليمن والعراق لبنان, صورة واضحة عن مشروعها التدميري للمنطقة, وبات العالم العربي ومنطقة الخليج والولايات المتحدة الأمريكية على قناعة مطلقة أن وقف تدهور المنطقة, ووقف تهديد التجارة العالمية, وإعادة الاستقرار للشرق الأوسط, ووقف تدمير وقتل 23 مليون سوري وأكثر منهم في العراق واليمن ولبنان, تتطلب موقفاً حازماً وواضحاً اتجاه (زعرنات وبلطجية) ميليشيات إيران وحرسها الثوري وفيلق (اللاقدس).

والساحة السورية اليوم لها الأولوية بأن تكون مسرحاً للمواجهة, باعتبار أن الجزء الرئيس من قوة إيران يتواجد في سوريا, وأن أدوات إيران وميليشياتها أيضاً تتواجد في سوريا, وأن الجهد الأسياسي لمقرات قيادتها وتصنيعها العسكري يتواجد في سوريا, وإذا ما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على هذا السرطان الذي يتغلغل في جسم المنطقة, وقطع أذرع الأخطبوط الإيراني فأدوات المواجهة أيضاً موجودة في سوريا.

لا أحد قادر على مواجهة المشروع الإيراني في سوريا أكثر من الجيش الحر أو الجيش الوطني, ولا أحد تضرر من المشروع الإيراني أكثر من الشعب السوري, ولا ساحة تجمع أدوات إيران أكثر من الساحة السورية, وما على الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج والعرب إلا دعم الشباب السوري المستعد للتضحية بكل ما يملك لضرب المشروع الصفوي الإيراني وإخراج إيران من سوريا وكامل المنطقة.

إن سقوط المشروع الإيراني في سوريا يعني محاصرة حزب الله في لبنان, ويعني أيضاً إضعاف السطوة الإيرانية على العراق, وتعني أيضاً وبالضرورة إضعاف عصابات الحوثي في اليمن, وبالتأكيد ومع عودة أدوات القتل الإيرانية إلى داخل حدودها ستكون الدول العربية بمنأى عن العبث الإيراني والخطر الإيراني, وكذلك خطوط التجارة العالمية ومصادر الطاقة.

أما أرادت إيران المواجهة والتصعيد ومحاولة استخدام رصيدها الاستراتيجي من صواريخ بعيدة المدى أو طيرانها المسير, فتكون الفرصة سانحة للولايات المتحدة الأمريكية وبحكم القانون الدولي للتدخل وتحطيم الآلة العسكرية الإيرانية, وإنهاء هذا الخطر الذي بات يتهدد كامل دول المنطقة.

بالتأكيد الأمور ليست سهلة, ولن تكون بالبساطة التي أوردناها, وأن إيران اعتادت العمل بالظروف الصعبة, وأنا سياسيتها دائماً ما كانت تتبع تكتيك اللعب على حافة الهاوية, وعند الضغط الشديد تمارس قيادة خامنئي تكتيك الهروب نحو الأمام باتجاه التصعيد, لكن أيضاً كل ما كانت تفعله إيران سابقاً كانت يتم عند مواجهتها لدولة أو لطرف تستفرد فيه, أما اليوم وقد اجتمع القاصي والداني على خطورة المشروع الصفوي الإيراني وعلى خطوة أذرع وميليشيات إيران ووضع ملفها على طاولة التشريح, فقد بات الأمر أقل كلفة وأقل جهداً إذا ما أراد العالم عودة الاستقرار للمنطقة, وعودة الأمان للتجارة العالمية, وضمان مصادر الطاقة والأهم بنظر السوريين هو التخلص من الاحتلال الإيراني وحليفه نظام الأسد وعودة البسمة لوجوه 23 مليون سوري شردتهم الحرب لمعظم أصقاع العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى