لاجئ سوري يرد الجميل بخياطة الكمامات
يغادر السوري محمد حسن حلب بعد أن اشتد القصف عليها في 2016، ويستقر به المقام وزوجته وأطفالهما الثلاثة لاجئين بجزيرة صقلية في عمق البحر المتوسط، وعندما بدأ ينتشر فيروس كورونا انطلقت رحلة اللاجئ في إنتاج الكمامات.
وتقول ستيفانيا ديلغنوتي في تقريرها بصحيفة ذي إندبندت البريطانية، إن هذا اللاجئ السوري لم يكن يدري أن الإغلاقات التي عايشها في سوريا بسبب الحرب والدمار، ستلاحقه في موطنه الجديد في صقلية بسبب تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19).
فما إن حطّ رحاله وأسرته الصغيرة في موطنهم الجديد حتى صار الخروج من المنزل أمرا ممنوعا إلا للطوارئ، وصار لزاما على أهل صقلية -أسوة بغيرهم في بقاع العالم- ضرورة ارتداء القفازات لليدين والأقنعة التي تغطي الأنف والفم.
لكن الزيادة في الطلب منذ الأيام الأولى للوباء، جعلت الأمر صعبا على بعض سكان صقلية لتحمل تكاليف شراء الكمامات أو حتى العثور عليها في الصيدليات.
آلة خياطة
وتمضي مراسلة الصحيفة التي تحدثت إلى هذا اللاجئ السوري، بالقول إن ظروف انتشار الجائحة جعلته يقتني آلة خياطة من أحد المراكز التجارية، ويبدأ بإنتاج الأقنعة المصنوعة يدويا ليتم توزيعها في أنحاء الجزيرة التي يحيط بها البحر من كل الجهات.
وتنسب صحيفة ذي إندبندنت إلى هذا اللاجئ السوري القول إن “هذه هي طريقتي الخاصة لأشكر بها الأشخاص الذين رحبوا بي في صقلية خاصة، ورمزيا في إيطاليا كلها”، مضيفا أنه “في الأوقات الصعبة من المهم دعم بعضنا بعضا”.
تضيف المراسلة أن هذا الشاب السوري البالغ من العمر 34 عاما، كان قد وصل إلى صقلية في سبتمبر/أيلول 2019 من بين 1895 طالب لجوء تم اختيارهم في لبنان منذ عام 2016 للممرات الإنسانية، وهو برنامج لإعادة التوطين بقيادة “أمل البحر المتوسط “، وهو مشروع ترعاه الكنيسة البروتستانتية الإيطالية.
لم يكن حسن غريبا عن الأزمات التي تسبب الخراب في روتينه اليومي، حيث سبق أن تعرض لاختطاف في سوريا، واضطر والداه لدفع الفدية، وحيث كان يستخدم يديه بين الأنقاض بحثا عن ناجين مدفونين وسط بقايا المباني المنهارة في القصف الذي كان يبقيه مستيقظا طيلة الليل في حلب.
اقتصاد الحرب
ويقول حسن إنه كان يعمل خياطا قبل 2011 في ورشة في البلدة القديمة من حلب، وإن اقتصاد الحرب أجبره على التخلي عن إبداعه للعمل سائق سيارة.
أما وهو في موطنه الجديد في صقلية، فيقول حسن إن مساعدته للآخرين تعينه على تحمّل جروحه الداخلية.
أقنعة أطفال
وينتج حسن حوالي 30 قناعا من القماش يسهل غسلها يدويا وإعادة استخدامها.
ويقول حسن “ليس لدي أي شيء آخر لأقدمه باستثناء عمل يدي”، وأما إيفانا دي ستاسي معلمة اللغة الإيطالية، التي ساعدت أطفال حسن على الاندماج في نظام التعليم المحلي، فتعرب عن ابتهاجها لتلقي أول قناع يصنعه هذا اللاجئ، قليل الكلام وكثير الجهد، في سبيل مساعدة المجتمع الذي تعلم بهدوء أن يكون جزءا منه.
وينتج ويخيط حسن الأقنعة من جميع الأحجام، بما في ذلك تلك الصغيرة للأطفال، وتبقى أصابعه تتحرك بلا كلل أثناء الخياطة بينما تعود به الذاكرة إلى الأيام التي كانت تسقط فيه القنابل فوق رؤوسهم في سوريا.
المصدر : الاندبندنت