مقتل إمام مرقد السيدة رقية في هجوم مسلح أثناء توجهه إلى لبنانميدل إيست آي: سقوط الأسد أفشل خطة إسرائيل لتقسيم سوريا إلى ثلاث دويلاتإيران: سوريا خرجت من “محور المقاومة”الشرع للوفد الأميركي: سوريا ستبقى على الحيادأحمد الشرع: أمن الخليج أولوية وسوريا تسعى لعلاقات استراتيجيةضمن حملة “إحياء الأمل”.. قطر الخيرية تسير قافلة مساعدات للشعب السوريالخارجية الأمريكية تلتقي أحمد الشرع بدمشقالمفوضية الأوروبية: سوريا القديمة اختفت وسوريا الجديدة لم تولد بعدسوريا موحدة بدون “قسد”.. إليكم أبرز ما جاء في اجتماع وجهاء ديرالزور مع التحالف الدوليزيارات دبلوماسية متلاحقة.. بريطانيا وألمانيا وفرنسا تتحرك نحو سوريا الجديدةبدون محاسبة.. هل يمكن للحكومة السورية الجديدة أن تحقق السلام والتعايش المشترك؟ما تفاصيل الانسحاب الروسي من سوريا؟أحمد الشرع: خططنا واضحة لإعادة بناء سوريا وتحقيق تطور شاملالشرع يستقبل القائد العسكري أحمد رزق في دمشق.. ما تفاصيل اللقاء؟وزارة الإعلام تعلن عزمها محاكمة إعلاميي النظام المخلوع

تاريخ التدخل الإيراني في سوريا

تاريخ التدخل الإيراني في سوريا

فراس علاوي

وكالة ثقة

يعتبر التدخل الإيراني هو الأسوأ بين الدول المتداخلة بالشأن السوري من حيث إنعكاسات تدخله على الشعب والمجتمع السوري مع الإشارة إلى أن التدخل الإيراني لم يحمل فقط أثاراً كارثية من ناحية التدخل الإيراني العسكري فقط بل حمل أيضاً أثاراً كارثية على المجتمع السوري حيث ساهمت سياسات إيران في سوريا بتفكيك المجتمع السوري والعمل على توسيع الشرخ الحاصل بين مكوناته ودعمها ومحاولة الاستثمار فيها من خلال محاولات تشييع المجتمع السوري أو فئات من هذا المجتمع في محاولة لتحقيق مشروعها التوسعي الذي تعتبر سوريا ركيزة أساسية فيه.

يقوم التدخل الإيراني في سوريا بصورة أساسية على هدف منع سقوط النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد، إذ يحاول الإيرانيون الحفاظ على شخص بشار الأسد باعتباره ضمانة لوجودهم في سوريا، ويتقاطع الموقف الإيراني مع التدخل الروسي في سوريا وهو منطلق التداخل الروسي الإيراني لكنه يختلف معه في أسباب التدخل الإيراني

ويمكن إجمالها في خيارات عدّة أبرزها تحت ذريعة حماية المشروع التوسعي الذي تهدف إليه إيران منذ إنتصار ثورتها في البلاد العربية، وإنقاذ النظام السوري (شخص بشار الأسد بصورة خاصة) الذي تربطه علاقة خاصة مع النظام الإيراني والمبنية على أساس طائفي، بالإضافة أنها تعتبر فرصة لإتمام إيران مايسمى بالهلال الشيعي، عبر ربط دمشق بالعواصم التي تسيطر عليها وبالتالي إيجاد بيئة مناسبة لها داخل المجتمع والتي لم تستطع إختراقه خلال سنوات قبل الثورة بالرغم من محاولات النفوذ لعمق هذا المجتمع وبناء شبكة علاقات اجتماعية تخدم مشروعها القومي الذي يحمل صبغة دينية.

لذلك فالتدخل الإيراني لم يكن سياسياً عسكرياً فقط بل كان اقتصادياً واجتماعياً ودينياً وثقافياً وهو ماسنذكره تفصيلاً، لفهم طريقة تعاطي السلطات الإيرانية (النظام الإيراني) مع المنطقة وسوريا بشكل خاص.

ولابد من إدراك شيئين أساسيين، “الأول” أن المشروع الإيراني هو مشروع توسعي استيطانيؤ ينمو بشكل سرطاني، ويتخذ من الطائفية الدينية لبوس لتحقيق أهدافه التوسعية على أسس قومية الهدف منها مشروع “فارسي” في المنطقة العربية.

و”الثاني” طريقة التعاطي الإيرانية مع ملفات الدول التي استهدفتها بمشروعها التوسعي سواء في “العراق, لبنان , اليمن , البحرين وسوريا”، والذي يعتمد على الاستثمار بالطائفة الشيعية، أو أحد الطوائف التابعة لها أو التي تشبهها أو تعتمد ذات المذهب، ومحاولة طمس هويتها العربية مقابل تبعيتها الدينية وبناء جسم عسكري شبيه بحزب الله في لبنان أو أنصار الله “الحوثي’ في اليمن ليدافع عن هذا المشروع ويكون الذراع الإيرانية في المنطقة.

يلي ذلك إقامة قاعدة اجتماعية لها في تلك الدول من خلال تدعيم مواقف الطائفة الشيعية والاستثمار فيها اجتماعياً، فالوضع في سوريا كان يختلف نوعاً ما بسبب عدم وجود تلك الطائفة بشكل واسع كما في العراق ولبنان، سواء عددي أو كتأثير اجتماعي واقتصار تأثيرها على المستوى السياسي، لذلك فإن إيران استغلت الفرصة الذهبية التي سنحت لها للتدخل في سوريا بعد إنطلاق الثورة لتثبيت وجودها عسكرياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً من خلال عدة عوامل، إذ تعمل إيران منذ انتصار ثورتها الإسلامية على إيجاد حاضنة إجتماعية لمشروعها في سوريا.

فتاريخ العلاقات الإيرانية السورية
تقسم إلى قسمين “الأول” ماقبل انتصار ماسمي “الثورة الإسلامية” في إيران والتي كانت تحت حكم الشاه شهدت هذه الفترة نوعاً من الصدام بين مشروعين قوميين المشروع القومي العربي والمشروع الفارسي صراع القوميات هذا جعل العلاقات السورية الإيرانية تسير في فلك الخلاف “الصراع” (العربي- الفارسي) مع صعود موجة القومية العربية منتصف القرن العشرين وماتلاه بالتزامن مع تقارب شاه إيران مع إسرائيل وإنعكاس ذلك على العلاقات العربية الإيرانية.

والثاني مع إنتصار “الثورة الإسلامية” في إيران ووصول رجال الدين الإيرانيين للحكم حاملين معهم فكراً راديكالياً مبني على عقيدة دينية إقصائية ذات خلفية “إثنية – عنصرية” تتبنى المذهب الشيعي كحامل للثورة الإيرانية وأحد طرق تصديرها للمحيط الإقليمي وخاصة العربي مع وجود حواضن للمذهب الشيعي في عدد من البلدان العربية، بصورة خاصة تلك المجاورة لإيران كالعراق واليمن والبحرين، والأبعد قليلاً كلبنان سوريا.

التقارب السوري – الإيراني
اختلفت العلاقات السورية الإيرانية بعد وصول قادة الثورة الإسلامية للحكم إذ يعتبر العام 1979 عام إنطلاق العلاقات السورية الإيرانية بشكلها الراهن، وحصل تقارب كبير بين قيادتي البلدين ويعود التقارب الإيراني السوري أنذاك لعدة أسباب يمكن إيجازها بالعوامل التالية، أبرزها “الخلاف الحاصل بين جناحي حزب البعث العربي الإشتراكي الحاكم في سوريا والعراق والذي تحول لخلاف بين سلطتي البلدين، وهذا الخلاف دفع حافظ الأسد للتقارب مع إيران من أجل فرض حصار سياسي على لاعراق مع نشوء خلاف أخر عراقي إيراني حول الحدود فأصبح هذا التقارب مصلحة مشتركة لكلا البلدين على مبدأ (عدو عدوك صديقك)، كما أن إيران وجدت في هذا التقارب فرصة لتحويل شكل الصراع من صراع (طائفي – حدودي – توسعي ) يستهدف الجيران العرب إلى صراع حدودي بين دولتين بينهما حدود مشتركة من خلال وقوف دولة عربية (سوريا) مع الجانب الإيراني في حربه ضد دولة عربية أخرى”.

أضيف إلى ذلك، الرغبة الإيرانية بالتوسع خارج حدود الدولة الإيرانية وتصدير مايسمى “الثورة الإسلامية” والتي تعتبر غطاء لتوسيع النفوذ الإيراني على أساس إمبراطوري تغذيه الفكرة القومية “الفارسية”،
ومن أجل تحقيق هذه الرغبة كان لابد من إيجاد عوامل مشتركة مع الأنظمة المحيطة وشعوبها لذلك كان التقارب ممكناً مع سوريا بسبب الخلفية الإثنية العقائدية، للعائلة الحاكمة “الطائفة” والتي تتلاقى مع الخلفية الطائفية للثورة الإيرانية، فأصبحت سوريا خياراً استراتيجياً يرتكز على تقارب إثني وسياسي يتلاقى بالأهداف التي أطلقتها “الثورة الإيرانية” حول فلسطين والقدس وكان عراب هذا التقارب “محمد حسين منتظري” مؤسس فيلق القدس، لكن الملفت في هذا الأمر هو سيطرة التقارب الديني على التقارب الفكري عبر توافق نظام إيراني ثيوقراطي يحكمه رجال الدين مع حكومة في سوريا  تدعي العلمانية ويحكمها حزب يتبنى الاشتراكية ذات التوجه الشيوعي “هدفاً له”.

وثالثاً وأخيراً هي الساحة اللبنانية والتي كانت نموذجاً للتعاون السوري الإيراني من خلال دعم فصائل شيعية “كحركة أمل وحزب الله اللبناني”، ولكن لبنان والذي يعتبر ساحة تعاون كان نفسه ساحة للمنافسة بين المشروعين الإيراني الهادف للسيطرة على لبنان من جهة ووضع قدم على حدود إسرائيل من جهة ثانية والمشروع السوري الذي يعتبر نفسه وصياً على لبنان ويستخدم ورقته للضغط على الدول العربية وابتزازها، مما جعل حافظ الأسد يتعامل ببراغماتية واضحة حيال هذا الصراع محولاً الخلاف إلى تعاون تارة ومستفيداً من تخوف دول الخليج من التوسع الإيراني تارة أخرى.

وبذلك تكون العلاقات الإيرانية السورية مبنية على تقارب مذهبي مصلحي مع وجود خلاف على النفوذ في المنطقة التي تعتبرها كل دولة منطقة نفوذ خاصة بها وظهر ذلك بشكل واضح في لبنان.

إنتهى هذا الخلاف على النفوذ بتفوق إيراني بعد وفاة حافظ الأسد ووصول بشار الأسد للحكم وخروجه من لبنان وكذلك وقوع العراق تحت القبضة والنفوذ الإيراني وبالتالي تحولت العلاقة السورية الإيرانية من علاقة تنافسية شبه ندية إلى علاقة تبعية لإيران من خلال التدخل الإيراني في الشؤون السورية والاستفادة من موقع سوريا الجيوسياسي والاستراتيجي على حدود إسرائيل وتوسطها المنطقة الفاصلة بين بغداد وبيروت عاصمتي النفوذ الإيراني وبالتالي تشكل جغرافياً همزة الوصل لإتمام المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة والذي يربط طهران ببغداد فدمشق وصولاً لبيروت وسواحل سوريا ولبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى