إيران واهتمامها الاستراتيجي بسوريا وعائلة الأسد
بقلم: عمر حاج حسين
وكالة ثقة – خاص
عُرفت إيران خلال العقود التاريخية السابقة، بأن نظامها استبدادي وتوسعي، لكن دائماً ما كانت تمنح قادتها في البلاد التسوعية بالصلاحية الكاملة، ولعلّ سوريا كانت أبرز البلاد التي رغبت في السيطرة عليها منذ عام 2015، ومنذ ذلك الوقت أطلقت على قادتهم في سوريا بأنهم “ولاة” ولديهم الحق والقدرة على التحكم والتصرف على النحو الذي يرونه مناسباً، وبناءً على ذلك، استمر اهتمامهم الاستراتيجي بسوريا وعائلة الأسد.
فمنذ اندلاع الحرب بين العراق وإيران، وصف الرئيس العراقي الراحل “صدام حسين” هذه الحرب بأنها حرب قائمة بين العرب والإيرانيين، وعلى هذا المبدأ عملت إيران إلى تحجيم هذه الرسالة العربية من خلال إقامة علاقات ودية مع النظام السوري، ولا تزال هذه التداعيات الاستراتيجية قائمة في يومنا هذا إلى حكم المجرم “بشار الأسد”.
ولعلّ إيران هدفها هي الحاجة إلى شركاء عرب تجمعهم صداقات بها لمساعدتها على اكتساب موطئ قدم وتعزيز سمعتها في الشرق الأوسط، وأن ترى المزيد من السوريين يعتنقون المذهب الشيعي، وقد اتخذ وكلائها خطوات لتسهيل تحقيق هذا الهدف.
وبالفعل ساعد هذا الأمر طهران في سوريا، وأصبحت “التقيّة” أكثر انتشاراً على المستوى المحلي في البلاد، وعندما واجه السوريون ضغوط شديدة لتغيير معتقداتهم، استجاب العديد منهم لهذه الضغوط بشكل غير علني من أجل تلقيهم معاملة أفضل من الميليشيات المدعومة من إيران، ولكن من دون الإفصاح عن ذلك علناً.
ومن حيث التداعيات الجيواستراتيجية الأوسع نطاقاً، أدّى تدخل إيران إلى قيام تحالف ضمني مع روسيا.
ولذلك تحاول طهران تهديد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، وهذا الوضع يعود بالفائدة على موسكو أيضاً، فعلى الرغم من أن البلدين يتنافسان ويختلفان حول قضايا معينة، إلا أنهما يشتركان في العديد من الأهداف في سوريا.
وخلال الفترة المقبلة، لا يجب أن تستثني المفاوضات مع إيران أنشطة “الحرس الثوري الإسلامي” في المنطقة، وفي حين تعاملت “خطة العمل الشاملة المشتركة” مع كل من الملف النووي والملف الإقليمي على أنهما ملفان منفصلان، إلا أنهما يندرجان ضمن إطار الاستراتيجية نفسها.
وترى إيران أن تحركاتها الإقليمة واهتمامها المتزايد بالمنطقة العربية يؤدي إلى تثبيت الدور السياسي الأمني لها في المنطقة، بل ويزيد من الأهمية الإستراتيجية لها فى النظام العالمي، ولذلك زاد الاتجاه الأقليمي في السياسة الخارجية الإيرانية، حيث يقوم المشروع الإيراني على مرتكزات عدّة تشترك مع مرتكزات سياتها الخارجية ولكن يمثل البعد العقائدي والأيدلوجىدي والبعد الأمني والإستراتيجي أسس قيام ذلك المشروع.
فبالنسبة للبعد العقائدي يتمثل فى إيمان طهران بحتمية قيام دولة خلافة إسلامية تضم كافة الدول الإسلامية تحت رايتها وضرورة التحرك بقوه لتحقيق ذلك، كما أنها تؤكد من خلال خطابها الديني بأن الرسالة التى تحملها الثورة الإسلامية هي مايحتاج إليها العالم فى الوقت الحاضر، ومن هنا جاءت فكرة تصدير الثورة باعتبارها واجباً دينياً إلزامياً، وأمّا البعد الأمني فينطلق من خوفها من مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي طرحته الولايات المتحدة الأمريكية بعد احتلالها العراق فى محاولة منها لفرض نفوذها على المنطقة العربية.
وبناء على كل ماذكرناه سعت إيران إلى خلق دور إقليمي لها في ظل غياب المشروع القومي العربي من ناحية وتخبط السياسة الأمريكية في المنطقة من ناحية أخرى، ونتيجة لهذا سعت إيران لتطوير علاقاتها مع دول الخليج والعديد من الدول العربية الأخرى كالأردن والمغرب وتونس والسودان وتدخلت فى العديد من القضايا مثل “العراق، فلسطين ولبنان” وربطت استقرار هذه المجتمعات بقبول دور ايران فى المنطقة، ومحاولة تحويل الصراعات فى المنطقة من قومية إلى دينية وحضارية حتى تضمن أن يكون لها دور رئيسي فى المنطقة.
كما سار الخطاب السياسي الإيراني بصورة عامة فى معارضة سياسة الولايات المتحدة في الخليج.
يقوم المشروع الإيرانى على فرضية مفادها أن توازن الرعب فى الخليج والحضور الإيراني فى المشرق سوف يضغط على واشنطن لقبول إيران كشريك إقليمى أبرز وبالتالي تقاسم المصالح والنفوذ فى المنطقة، حيث لايستهدف المشروع الإيراني المصالح الأمريكية فى المنطقة ولكن نسق المصالح الأمريكية، والصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل يقوم على التنافس على دور الوكيل الوحيد لواشنطن فى منطقة منزوعة المشاريع العربية.
وختام القول فإنه يمكن تشبيه المشروع الإيراني فى المنطقة العربية بالهرم متعدد الطبقات، بحيث تكون منطقة الخليج هي قاعدة الهرم، ثم يأتي المشرق العربي كطبقة ثانية، أما الطبقة الثالثة من الهرم فهى القدرات العسكرية الرادعة والتي يمكنها استهداف المصالح الغربية الإستراتيجة فى المنطقة.