علوان: العلاقة بين جيش الاسلام وفيلق الرحمن جيدة وفي تحسن ومعركتنا في دمشق كانت دفاع عن النفس .
استطاع مقاتلو «فيلق الرحمن» تثبيت نقاطهم في كتل الأبنية الكبيرة، تحديدا في معمل النسيج ومعمل الاوكسجين وشركة الكهرباء، بينما تراجع مقاتلو حركة «أحرار الشام الإسلامية» و«هيئة تحرير الشام» في محيط البانوراما من جهتي القابون وسيرونكس. هنا الأبنية صغيرة نسبيا وغالبا ما تكون بارتفاعات طابقية صغيرة، وهذا ما سهل تدميرها بقصف جوي مركز، زاد عن خمسين غارة، يوم الأحد الماضي.
وثبت «فيلق الرحمن» سيطرته النارية على كراجات العباسيين وشارع فارس الخوري الواصل بين الكراجات وساحة العباسيين. وتعد الكراجات حدا فاصلا بين الطرفين، كونها منطقة خالية من الأبنية ولا يمكن لأي منهما البقاء وتثبيت نقاط فيها.
وكبدت الفصائل قوات النظام خسائر كبيرة من قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة وعناصر المخابرات الجوية، إثر المحاولات المتكررة لاسترجاع السيطرة على محيط كراجات العباسيين. وساعد المعارضة على الثبات المساحة المحدودة للعمليات، والتي تقدر بنحو 3كم. والسبب الذي منع استخدام الطيران في محيط العبـاســيين، هو قرب المسافة بين الطــرفين وكــثــافة الأبنية، فيما تفرد الطــيــران بالقصف في المنطقة المكشوفة في محيط البانوراما.
المتحدث الرسمي للفيلق، وائل علوان، وصف المعركة بأنها «دفاع عن النفس، فالغوطة أمام تحدّ وجودي في حال سيطرة النظام على حي القابون». وأضاف، في تصريح لـ«القدس العربي»، أن الهدف من المعركة هو «تخفيف الضغط عن حي القابون، ووقف سياسة القضم التدريجي التي يتعبها النظام».
ونفى علوان نية التقدم باتجاه العاصمة دمشق، وقال: «نحن ملتزمون باتفاقية أنقرة لوقف الأعمال القتالية». لكنه أشار، من جهة أخرى، إلى أن العلاقة بين الفيلق و«جيش الإسلام» جيدة وفي تحسن كبير. وعلق على الأخبار المتناقلة التي تحدثت عن منع جيش الإسلام من المشاركة بالمعركة، قائلاً: «نحن على تواصل دائم مع الجيش، والجيش يتحمل عبئا كبيرا في جبهة القابون، إضافة إلى الجبهات الشرقية، وكل ما في الأمر أن القطاع الذي تجري فيه المعارك هو قطاع فيلق الرحمن».
من الناحية السياسية، اعتبر علوان، المشارك في مباحثات جنيف حالياً في العاصمة السويسرية، أن «معركة جوبر ومعارك ريف حماة تخلق نوعا من التوازن مع النظام في المباحثات، وتقوي موقف المعارضة في الإصــرار علــى الانتقال السياسي».
إلى ذلك، سادت حالات ذعر وارتباك كبيرة في صفوف النظام، الذي قام باستقدام تعزيزات كبيرة إلى محيط ساحة العباسيين والبانوراما، ونشر الدبابات والمدرعات. وخيمت حالة خوف كبيرة على المدنيين الذين التزموا منازلهم خشية سقوط قذائف صاروخية عليهم، خصوصا في أحياء القصاع والتجارة القريبين من جبهة المعارك. وساهم في شدة الارتباك حجم التضخيم الإعلامي لنشطاء المعارضة على وسائط التواصل الاجتماعي، وبث الشائعات على مدار الأيام الثلاثة للمعركة.
وأصدر «فيلق الرحمن» بياناً رسمياً، نشره يوم الثلاثاء الماضي، حاول من خلاله تطمين أهالي العاصمة دمشق. وأكد البيان على الالتزام التام «بقانون النزاعات المسلحة وجميع الأعراف الدولية المتعلقة بالمعارك والنزاعات المسلحة». وشدد على «تحييد المدنيين بكافة أديانهم وطوائفهم وآرائهم عن دائرة الصراع وعن النيران المباشرة وغير المباشرة»، وكذلك «تحييد البعثات الدبلوماسية»، إلى جانب الالتزام «بحسن معاملة الأسرى» و«تأمين وحماية الطواقم الطبية والدفاع المدني وكافة المجموعات الإنسانية والإعلامية»، وتحييد «دور العبادة ورموزها والقائمين عليها عن الصراع والنيران المباشرة». ولاقى البيان ترحيبا واسعا في أوساط المعارضة السورية ونشطائها، كما وجه رسائل سياسية على كافة المستويات الإقليمية والدولية. وقد اعتُبر ردا مباشرا على ادعاء موسكو باستهداف أحد مبانيها الدبلوماسية وسقوط قذائف المعارضة عليه.
وتأتي معركة جوبر- القابون في سياق الرد العسكري ومحاولة فرض واقع جديد في خرائط السيطرة، تحديدا في المنطقة الجنوبية، التي ظلت ساكنة وهادئة لأكثر من عامين، باستثناء معارك «الجبهة الجنوبية» مع جيش خالد بن الوليد المبايع لتنظيم «الدولة الإسلامية». وهكذا بدأت معركة السيطرة على منطقة «المنشية» الاستراتيجية والتي تعتبر أعلى منطقة في مدينة درعا، وبرر قادة عسكريون في الجبهة الجنوبية سبب المعركة بانه قطع الطريق على محاولات النظام للتقدم إلى الجمرك القديم المحاذي للرمثا الأردنية، بهدف فصل مناطق سيطرة المعارضة في شرق درعا عن غربها.
وتتزامن معركة جوبر- القابون مع معركة كسر الحصار عن القلمون الشرقي، الذي تسيطر عليه فصائل من الجيش الحر أهمها «أسود الشرقية» و«قوات الشهيد أحمد العبدو»، إضافة إلى فيلق الرحمن وجيش الإسلام. وتهدف المعركة إلى وصل مناطق سيطرة الجيش الحر المدعوم أردنيا وأمريكيا، والمتمركزة في محيط التنف بالقلمون الشرقي، وطرد تنظيم «الدولة» من بادية الحماد المتاخمة للغوطة الشرقية في بير القصب، والريف الشرقي للسويداء. جدير بالذكر أن المسافة بين الجانبين تقل عن 18 كم، بين الكتيبة المهجورة وبير مداد من الشــرق، وبين محيط المحسة غرباً. وتعتبر السيطرة على بادية الحماد من قبل فصائل الجيش الحر بارقة أمل كبيرة، ستساهم في كسر الحصار عن الغوطة التي بدأت تختنق بعد خسارتها عشرات القرى وكامل مناطق البساتين فيها، سيما مع الضغوط العسكرية الروسية الهادفة إلى فرض هدنة بين النظام وفصائل الغوطة.
مصدر المقالة: القدس العربي