حظر تجوال في حمص وسط تصعيد أمني واشتباكات مع فلول الأسداشتباكات مسلحة في طرطوس.. ما القصة؟الاقتصاد على سكك الشرق.. هل يعيد القطار ربط أسواق حلب بميناء مرسين؟“منسقو استجابة سوريا”: رفع العقوبات ضرورة إنسانية لدعم التعافي في البلادتصاعد التوتر بين سوريا وإيران.. تحذيرات متبادلة وتصريحات مثيرة للجدللبنان يتلقى مذكرة دولية لتوقيف اللواء المجرم جميل حسنإيران: ليس لدينا اتصال مباشر مع الجهة الحاكمة في سوريا حالياأسماء الأسد تطلب الطلاق تمهيداً للعودة إلى لندن بعد سقوط النظامتركيا تُرمم خط الكهرباء بين بيريجيك وحلب لتوفير الطاقة للسوريينأحمد الشرع: تحرير سوريا أنقذ المنطقة من حرب عالمية ثالثةمدير الجمارك في سوريا يكشف عن خطط إصلاح شاملة لإنهاء الفساد والترهل الإداريهاكان فيدان يكشف عن رؤيته الجديدة للعلاقات مع سوريامقتل إمام مرقد السيدة رقية في هجوم مسلح أثناء توجهه إلى لبنانميدل إيست آي: سقوط الأسد أفشل خطة إسرائيل لتقسيم سوريا إلى ثلاث دويلاتإيران: سوريا خرجت من “محور المقاومة”

هزات ارتدادية جيوسياسية تشهدها المنطقة العربية.. موجة التطبيع الثانية

مقدمة

اقتربت الذكرى السنوية الثانية عشر لاندلاع الثورة السورية، والتي قسمت العالم المهتم بالمنطقة إلى قسمين (مؤيد لحراك الشعب – مؤيد لسلطة الدولة).
دول تضامنت وأعلنت موقفها كصديقة للشعب السوري ودول أخرى أخذت منحى صديقة لنظام الأسد.
وقف المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية موقفاً صلباً ساهم بعزلة نظام الأسد عن نصف العالم فارض عقوبات اقتصادية وعسكرية على رأس النظام وأقربائه ممن شاركه قتل السوريين، حتى وصل الأمر لعقوبات على دول بحجم روسيا وإيران لصلتها الوثيقة مع نظام الاسد.
حمل المعسكر الغربي راية ترويض الأسد تحت شعار “تغير السلوك يخفف العقوبات”.
وعلى مر السنوات الماضية لم يلاحظ أي تغير في سياسة الأسد وحلفائه بالتعاطي مع مطالب الشعب، حيث استمرت الأعمال العسكرية البرية والجوية مستهدفة المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق ممّا استدعى الولايات المتحدة الامريكية للتصعيد أكثر وسن قانون عقوبات جديد أحادية الجانب عرفت بقانون قيصر للعقوبات والذي دخل حيز التنفيذ في السابع عشر من حزيران/2020، وكان نقطة التحول للذين كانوا يفكرون بالتطبيع مع الأسد لهدف ما.

موجة التطبع الاولى!
بدأت الموجة الأولى مطلع العام 2020 على لسان وزير خارجية الجزائر “صبري بوقادوم” في مؤتمر مشترك مع وزير خارجية موريتانيا “إسماعيل ولد الشيخ أحمد” حين قال: إن الجزائر سبق واعتبرت أن تجميد عضوية سوريا خسارة لكل الدول العربية، حيث كانت الجزائر تستعد لاستضافة القمة العربية في دورتها 31.
رحل صبري وخلفه “رمطان لعمامرة” كوزير خارجية للجزائر ليعيد فحوى التصريحات ويقول في أغسطس 2021، إن سوريا موضوع أساسي في تحضيرات القمة العربية المقبلة.
وإن جلوس سوريا على مقعدها في الجامعة العربية سيكون خطوة متقدمة في عملية لم الشمل وتجاوز الصعوبات الداخلية.
وأضاف أن “هناك من يعتقد أن عودة سوريا للجامعة العربية أمر إيجابي، والجزائر مع هذا الرأي، وهناك من يرى أن هذه العودة ستزيد من الانقسام وحدّة الخلافات”.

– تطبيع عربي منقسم أحادي الجانب
فيما أعلنت قطر والسعودية رفضها وجود النظام في القمة بشكل علني وذلك بسبب إدراكهم مدى خطورة تعويم النظام الذي لم يتغير سلوكه حينها.
تأخرت القمة سنتين بسبب جائحة كورنا لتقعد مطلع نوفمبر من 2022 دون مشاركة سوريا ومن ثم أسدل الستار على موجة التطبيع الأولى التي باءت بالفشل وخرجت ورقة مقررات عن الاجتماع حمل منها بند واحد اسم سوريا ليقول: “قيام الدول العربية بدور جماعي قيادي للمساهمة في جهود التوصل لحل سياسي للأزمة السورية”.
تلا تلك المرحلة مساع فردية لمحاولة التطبيع مع دمشق بعيداً عن مظلة الجامعة العربية مستندين على المخرج المناط ذكره أعلاه.

– زلزالان على مقياس ريختر، تلاهما هزات ارتدادية جيوسياسية في المنطقة
ضرب زلزالان متتاليان كل من تركيا وسوريا بلغ قوته 7.7 و 7.6 على مقاس ريختر في السادس من شباط 2023 ليخلف دمارا أثقل كاهل المدنيين في الدولتين ولتصل إحصائية القتلى قرابة 47 ألف شخصاً وتشرد مئات الآلاف.
ضرب الزلزالان عدة محافظات سورية “إدلب – حلب – حماة – اللاذقية”
معمق جراح المكلومين راميا مرحلة جديدة من الأسى والفقر قد تدوم الى أجل غير مسمى لهول حجم الكارثة.
ليستيقظ الأسد باسما مطلا من حلب يحاضر بحقوق الإنسان على أنقاض مدينة منهكة دمر منها الكثير وشرد سكانها الي المجهول، معلنها مدينة منكوبة من الزلزال!.
كيف ولا يضحك! أنها بوابة الفرج السماوية التي قد تعيد بناء نظامه على أنقاض كوارث الطبيعة، محملاً ما خلفه من ركام الأبنية التي قصفها برفقة الروس جوا للطبيعة!.

– جسور جوية إنسانية أم إعادة تعويم سياسي!
سارعت الكثير من الدول العربية إلى إعلان فتح جسور جوية لإغاثة المدنيين المتضررين من الزلزال في عموم سوريا، وبدأت الاتصال تتهافت إلى قصر المهاجرين بدمشق للحديث مع الأسد عن حجم الكارثة والاحتياجات لهذه المرحلة!
ليرد الأسد ومناصريه أنهم بحاجة الى رفع العقوبات عن دمشق! ليأتي الرد سريعا من العواصم الغربية، إن المساعدات الانسانية لا تشملها العقوبات أحادية الجانب.
في ظل التزاحم الإنساني على المساعدة، بدا وأن الانسانية ستخرج من أرض بابل أرض الأجداد ليعلن ما يسمى نفسه الاتحاد البرلماني العربي بدورته الحالية والتي يرأسها العراق بقيادة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي عن تشكيل وفد برلماني عربي والتوجه الى دمشق لتقديم التعازي والتأكيد على دعم الشعب السوري في محنته وضم الوفد رئيس الاتحاد محمد الحلبوسي ورؤساء مجلس النواب في الإمارات والأردن وفلسطين وليبيا ومصر، إضافة إلى رؤساء وفدي سلطنة عمان ولبنان، والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي لتصل في السادس والعشرين من شباط أي شهر الزلازل حيث اعتبر الكثير من المحللين السياسيين أن ما يحدث هو ردّة فعل اهتزازية جيوسياسية تجتاح المنطقة العربية كفرصة لإعادة محاولة تعويم النظام السوري على حساب الكارثة الانسانية التي حلت.
استوقفني هنا شكري لمصر كأول بلد عربي يرسل فريق تقني وطبي الى شمال غرب سوريا عابرا من مناطق سيطرة الأسد ليعاين الأضرار في ريف حلب وإدلب التي لم يذكرها النظام على أنها مناطق ضربها الزلزال بل تناسا أن من فيها من سوريين مناهضين له يموتون ببطء.
لتعود الرئاسة المصرية بعد أيام للحديث عن إرسال وزير خارجيتها السيد سامح شكري إلى دمشق للقاء الأسد، حيث تسارعت العواجل في السابع والعشرين من شباط “وصول وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق في أول زيارة رسمية منذ عام 2011” ليحط في دمشق ساعات قليلة ثم اتجه إلى تركيا.
السيد شكري يعلم حق المعرفة أن زيارته لدمشق قد تكون فاتورتها مرتفعة إذا كانت تحت مسمى إعادة التطبيع لهذا اختزلها بثلاث ساعات، كيف لا وهم أيضا نتاج ثورة شعب قلب حكم الرئيس السابق حسني مبارك التي امتدت تسع وعشرين سنة، لينهض شعبها قبل السوريين بشهرين ويقلب موازين السلطة في ارض الفراعنة ويعلن الشعب نفسه السلطة الحالية.

– أتساءل.. حلال لكم! وحرام علينا؟
تونس بدورها لم تتعلم من خطآ جارتها الجزائر التي وضعت نفسها بموقف محرج بعد سنتين من التطبيل والتمهيد والتعهد لعودة الأسد إلى قمة 31 العربية، وباءت بالفشل.
الرئيس التونسي المنتخب من الشعب بفضل ثورة السابع عشر من ديسمبر 2010 والتي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي بعد أكثر من 23 سنة من القمع واحتكار للسلطة، “يعتزم إعادة العلاقات مع دمشق، وتبادل سفراء معتمدين” ليركب أيضاً بسفينة التطبيع العربية المتجهة إلى ميناء شتم فيه العرب أكثر مما شتم فيه إبليس، وقيل فيهم الهجاء وأنهم الداء بدعم ممن يطرقون أبوابه متناسيين انهم قالوا يوما كلمة الحق وانصفوا الشعب لفترة قبل ان تتوه السفينة في عرض بحر من المخدرات والحشيش الذي يضبط كل يوم على حدود منازلهم قادما من دمشق، سعيا لتمويل ميليشيا أعين بنادقها على عواصمهم.
ليس ببعيد عن السفينة العربية، هناك أيضا عواصم أخرى تسعى لإعادة تطبيع العلاقة مع دمشق ضمن أهداف محدودة أطلق عليها الأمن القومي، وهنا أتحدث عن تركيا التي قاسمت سوريا الكارثة الأخيرة، والتي تعيش فترة سياسية حساسة في ضل احتدام السباق الرئاسي.

بالبقاء في فلك البحار والسفن، لا يمكن إغفال وجود مجتمع دولي اتخذ العديد من القرارات على مر الإثنا عشر سنة الماضية، من عقوبات وقوانين ورعاية مفاوضات وغيرها الكثير.
فإن سفينة التطبيع العربية تبحر في بحر على سفينة أكبر يدعى المجتمع الدولي والذي أيضاً بدوره يأخذ مواقف متفاوتة من قضية التطبيع.
– فهناك أيضا داعمون للتطبيع من غير العرب كروسيا والصين وإيران وأسماء دول بحثت عنها في الخريطة لم أجدها؟
الرافضون للتطبيع، كالمعسكر الغربي بقيادة واشنطن وما بقي من العرب كالسعودية وقطر، حيث أكدت واشنطن على موقفها المعارض لأي خطوة تطبيعيه مع نظام الأسد على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في يناير الماضي، “إن الأسد ارتكب أعمالا وحشية، وقواته ارتكبت جرائم حرب، وسنواصل العمل على محاسبة النظام، وتشجيع شركائنا وحلفائنا على عدم التطبيع معه وعلى تطبيق القرار 2254”.

يبقى هنا…. ما مصير هذه الهزات الارتدادية؟.. وهل تنتهي كما انتهت الأولى بالفشل؟.. وما هو دور روسيا في تسير التطبيع؟ وما أهدافها؟

بقلم الصحفي: إبراهيم الإدلبي

زر الذهاب إلى الأعلى