القصة الكاملة.. ماذا جرى بريف حلب بعد مقتل “أبو غنوم”؟
القصة الكاملة.. ماذا جرى بريف حلب بعد مقتل “أبو غنوم”؟
وكالة ثقة
تصاعدت حدة التوترات في الشمال السوري، واندلعت اشتباكات لليوم الثالث على التوالي، بين فصائل من الجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام في منطقة عفرين شمالي حلب، بالتزامن مع اشتباكات اندلعت في محيط مدينة الباب شرقي حلب بين الفيلق الثالث في الجيش الوطني وفرقة الحمزة التي ثبت تورط عناصرها الأمنية باغتيال الناشط الإعلامي “محمد أبو غنوم”.
ونتيجة للاشتباكات والقصف المتبادل، استشهد 4 مدنيين واصيب 28 آخرين معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة لنزوح نحو ألف عائلة من المخيمات المنتشرة في منطقة الاشتباكات، وفقاً لما وثقه “فريق منسقو استجابة سوريا” اليوم الخميس.
الاشتباكات بدأت عقب جريمة اغتيال الناشط “محمد عبداللطيف أبو غنوم” في مدينة الباب، حيث اعتقل الفيلق الثالث خلية الاغتيال، والتي بدورها اعترفت بتلقي أوامرها من قيادي في فرقة الحمزة، ليشن الفيلق هجوماً على مقار الفرقة في مدينة الباب ويسيطر عليها، كما سيطر الفيلق على بلدة الغندورة شرقي حلب واستعاد السيطرة على معسكر أرندة بريف عفرين عقب معارك عنيفة مع فرقة الحمزة وسليمان شاه، وأسفرت عن سقوط أكثر من 5 قتلى و30 جريحاً خلال المواجهات.
امتدت الاشتباكات إلى ريف حلب الشمالي، وتحديداً منطقة عفرين، حيث توغلت هيئة تحرير الشام في قرى وبلدات ريف عفرين من معبر الغزاوية بعد انسحاب فيلق الشام من المنطقة دون قتال، ليتصدى لهم الفيلق الثالث ويوقعهم في كمين يسفر عن سقوط أكثر من 9 جرحى على محاور الباسوطة بالإضافة لتدمير عدد من الآليات، ما دفع تحرير الشام لفتح محور آخر للقتال عبر بلدة دير بلوط للتقدم نحو قرى ريف جنديرس بريف حلب الشمالي لتدور معارك طاحنة في المنطقة، أسفرت عن سقوط أكثر من 6 جرحى بصفوف الهيئة.
تحرير الشام أصرت على دخول قرية قرزيحل التي تبعد عن عفرين “3 كم”، واندلعت اشتباكات عنيفة بينها وبين الفيلق الثالث الذي يضم “الجبهة الشامية وجيش الإسلام”، وانتهت هذه الاشتباكات بسيطرة الهيئة على القرية عقب اقتحامها بالدبابات، ثم توجهت بعد ذلك إلى مدينة جنديرس جنوبي مدينة عفرين، واندلعت اشتباكات مع فصائل من الجيش الوطني استمرت لساعات، انتهت بسيطرتها على المدينة، كما سيطرت على قرية حمام ومعبرها الحدودي مع تركيا.
وصباح اليوم الخميس 13 تشرين الأول، اندلعت اشتباكات عنيفة بين هيئة تحرير الشام مدعومة بفرقة الحمزة وسليمان شاه التابعتين للجيش الوطني، مع الفيلق الثالث داخل مدينة عفرين، وتمكنت الهيئة من السيطرة على المدينة بشكل كامل عقب انسحاب الفيلق باتجاه بلدة كفرجنة شرقي عفرين.
وحول السبب في دخول تحرير الشام إلى مدينة عفرين، أشارت مصادر إلى أنها تدخلت على خلفية نقض الاتفاق المبرم بينها وبين الفيلق الثالث، والذي ينص على عدم الاقتراب من مقرات وعناصر “حركة أحرار الشام” في مناطق “غصن الزيتون ودرع الفرات”، وكذلك عدم الاقتراب من فرقة “السلطان سليمان شاه”، كما أوضحت المصادر أن الهيئة تدخلت أيضاً بسبب مهاجمة “جيش الإسلام” مواقع “أحرار الشام” في منطقة عفرين.
ومن الأهداف التي تسعى إليها تحرير الشام إلى عفرين، السيطرة أيضاً على المعابرفي المنطقة، وهما معبر الحمام الحدودي مع تركيا والذي يسيطر عليه فيلق الشام، ومعبر براد شرقي عفرين الواصل بين مناطق نظام الأسد وعفرين، وفقاً للمصادر.
ولاقت الاشتباكات المستمرة في الشمال السوري استنكاراً واسعاً من مؤسسات وشخصيات سورية معارضة، وطالبوا بوقف القتال بشكل فوري.
واعتبر الائتلاف الوطني السوري أن الاقتتالات الداخلية تعرض حياة المدنيين في المناطق المحررة للخطر، كما أنها تشكل خطراً كبيراً ووجودياً على الثورة والمناطق المحررة.
وطالب الائتلاف بأن يكون القضاء هو السبيل لمعالجة أي خلافات أو مشكلات، وكذلك تحكيم أهل الرأي والحكمة في القضايا الكبرى وعدم اللجوء للاقتتال البيني مهما كانت الأسباب، مؤكداً في الوقت نفسه دعمه لمحاسبة المفسدين والمجرمين وكل من يثبت تورطه في الاعتداء على الأهالي في المناطق المحررة عبر القضاء.
من جهته، قال رائد الصالح، مدير الدفاع المدني السوري إنه يتابع بحزن شديد ما يجري في ريف حلب من اشتباكات دامية تتصاعد وتيرتها، وأضاف، “نعمل في الدفاع المدني بالاستجابة لنداءات الاستغاثة التي يطلقها المدنيون العالقون في مناطق الاشتباك، إضافة للقيام بمهام الإسعاف بحيادية تامة”.
وطالب “الصالح”، كافة الأطراف بتيسير عمل فرق الإسعاف وعدم منعها من الوصول للمصابين، وحثهم على تحييد المدنيين من أي استهداف وتسهيل عمل الكوادر الإنسانية.
بدوره، طالب المجلس الإسلامي السوري، هيئة تحرير الشام والفصائل التحالفة معها بوجوب حقن الدماء والامتناع عن طاعة من يأمرهم بالقتال، ودعاهم إلى الابتعاد عن ترويع الآمنين أو الاحتماء بمخيماتهم.
وأوضح المجلس في بيان أن “الحفاظ على ثوابت الثورة السورية وما حققته لأبناء وطننا من كرامة وحرية واجب على جميع الهيئات والمؤسسات والأفراد”، مطالباً أهل الرأي والحكمة وشيوخ العشائر ووجهاء المناطق أن يوجهوا الناس إلى حقن الدماء وإقصاء الباغي المعتدي.