مدير منظمة “آفاق”: لا بد من إستراتيجية طويلة
وكالة ثقة
شهدت الفترة الماضية توسعاً كبيراً في مجالات عمل منظمة “آفاق” العاملة في سوريا منذ عام 2013، والتي تعتبر من المنظمات الرائدة بمجالات متعددة كالتنمية البشرية والتعليم، وشملت التوسعة الجديدة المجالات السياسية والحزبية والتوعية الانتخابية عبر مشروع “واثقون من قدرتنا على التغيير” الذي تعمل عليه المنظمة منذ عامين تقريباً.
وحول الاستراتجية التي تعمل بها المنظمة، أوضح الدكتور “أسامة الشربجي” مدير منظمة “آفاق”، أنه منذ بداية التدخل الروسي في سوريا في أيلول 2015، ومن ثم سقوط حلب بيد قوات الأسد عام 2016 وتهجير أهلها منها، تبين بشكل لا مجال للشك فيه، أن التغيير الديمقراطي في سوريا سيأخذ مساراً طويلاً، مما استدعى إعادة التفكير في البرامج التي نطرحها وتصميم المشاريع بطريقة مختلفة.
وأضاف”شربجي”: “رغم استمرار المعاناة الإنسانية في سوريا، إلاّ أنّ حالة الطوارئ والخطوات الإسعافية السريعة لم تعد مجدية، كان لا بد من التفكير باستراتيجية طويلة الأمد بحيث يتحقق الأثر بشكل تراكمي وعبر مراحل متتالية، وبهذه العقلية صممنا مشروع واثقون من قدرتنا على التغيير وبنينا استراتيجية تعالج القضايا الجوهرية في المجتمع السوري بعيداً عن ردود الفعل الآنية”.
وبخصوص التوعية السياسية التي تطرحها المنظمة، أشار “شربجي” إلى أنها تعني بالدرجة الأولى ازدياد مدارك الإنسان ومعرفته بحقوقه المدنية وحقوقه الاجتماعية والسياسية، موضحاً أن ازدياد الوعي لدى الإنسان يعني إحساس المرء بنفسه سياسياً وفهمه لموقف الانسان الحقيقي من التاريخ.
وأردف: “إنشاء الوعي السياسي يعني تكوين ضرب من ضروب التفكير الواعي بالراهن السياسي. والملاحظ أن الحراك المطلبي في النطاق المحلي أو الإقليمي أو الدولي وجميع التصرفات السياسية الشعبية مثل الانتخاب والترشح للانتخابات والقيام بالمظاهرات والثورات تتزايد طردياً مع تزايد ما يسمّى الوعي السياسي، فهذا الوعي إذن هو القلب النابض للمكونات الحية للقوى المجتمعية وللكيانات السياسية”.
وزاد: “التوعية السياسية تعني المشاركة السياسية وهي أساس الديمقراطية والتعبير الواضح عن مبدأ سيادة الشعب وتقضى المشاركة السياسية وجود مجموعة بشرية من المواطنين الذين يتوافر لديهم شعور الانتماء والاهتمام بالشأن العام، والمشاركة هي أرقي تعبير عن المواطنة “.
وبشأن دور المنظمة في التوعية حول انتخابات النظام القادمة، قال “شربجي”: “بصراحة ليس لنا أي دور في هذا الجانب لأنه بعد عشر سنوات على انطلاق الربيع العربي تكوّن وعي جمعي لدى شعوب المنطقة بحيث أصبحوا يشعرون بسهولة بالفارق الجوهري بين الانتخابات الحرة والنزيهة وبين المسرحيات التي تقوم بها الأنظمة الدكتاتورية”.
ومضى بالقول: “لا أظن أن هناك سورياً واحداً يحتاج الى توعية أن هذه الانتخابات شكلية ولا تعبر عن إرادة الناس، الدور التوعوي المناط بمنظمتنا هو التشاور مع السوريين حول إمكانية تفعيل المجتمع ليستطيع تغيير الواقع الحالي نحو واقع ديمقراطي حقيقي حيث يكون للناس صوت حر وقدرة على إحداث التغيير المنشود”.
ووجه محدثنا رسالة إلى المشاركين في هذه الانتخابات قائلاً: “لقد اقتاتت الأنظمة الدكتاتورية على تخويف الشعوب وعلى نشر الاشاعات لينالوا طاعة الناس بالمجان، رسالتنا للناس جميعاً هي أن النظام الذي انتهك حقوق وكرامة المواطنين غير قادر اليوم على تأمين أدنى الخدمات الأساسية للمواطنين بما فيهم مناصريه وداعميه، بالتالي هذا النظام لا يستحق أن يُطاع من جهة وهو لا يستطيع أن يلاحق الناس على عدم الانتخاب لعجزه عن تأمين أدنى مقومات الحياة لمناصريه أساساً، لذلك فهو سيتعمد على نشر الاشاعات من قبل الناس أنفسهم”.
وشدد على أن التوعية السياسية مسؤولية جماعية، قائلاً: “إن سياسة التغييب والتهميش والتجهيل التي مارسها نظام الأسد تجاه الشعب السوري أوصلت المجتمع السوري لحالة من الغيبوبة السياسية، وللخروج من حالة السبات هذه لا بد من مشاركة وتكاتف جميع الجهود التي تصب في التوعية السياسية، ولذلك نحن نرى أن التوعية السياسية هي مسؤولية الجميع بلا استثناء ونسعى بجد للتشارك والتنسيق مع جميع القوى المدنية والقوى المجتمعية وربما التكتلات السياسية في وقت لاحق والتي تتشارك معنا في الرؤية والأهداف”.
في سياق منفصل، اعتبر “شربجي” أن أكثر ما يزعج النظام السوري هي مشاريع الاستقرار التي تسعى لبناء المجتمع لأنها ستخلق بديلاً له بنظر السوريين وبنظر المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن النظام يحاول فرض حالة الطوارئ على المناطق التي خرجت عن سيطرته، ويصر على قصف بعض المناطق التي خرجت عن سيطرته رغم عدم نيته الحالية بالسيطرة عليها، بهدف إشعار الجميع بالتهديد الموجود وعدم السماح للناس بالتفكير بالبناء والبقاء في نطاق حالة الطوارئ والمشاريع الإسعافي اللحظية.
وختم محدثنا بالقول إن “طرح المشاريع ذات طبيعة البنائية والاستقرارية هي دليل وعي لدى المجتمع المدني السوري الذي أدرك أن معركته مع الدكتاتورية معركة طويلة الأمد قد نخسر فيها بعض الأحيان ولكن لا بد أن ننال حريتنا في نهاية المطاف”.